السؤال
السلام عليكم
أكتب اليكم هذه السطور وأنا في حالة نفسية وجسدية يرثى لها، وأتمنى أن تمتد يد الله من خلالكم لتنقذني.
ثقتي بنفسي معدومة، أخاف من الناس، وأشعر أنهم يتكلمون عني دائما، لدي سمنة مفرطة، مدخن بشراهة، لا أصلي، أعاني من قولون عصبي قاتل.
أخاف من الخروج من المنزل كي لا أتعرض لنظرات الناس المستهزئة، مشتت الذهن دائما، لا أستوعب من الكلمة الأولى، مع أني حاليا أدرس دراسات عليا، أحب الوحدة دائما فهي خير صديق، دائما ما أستطيع إنجاز أضعاف أضعاف ما أنجزه خلال تواجدي بين الناس.
عندما أكون بين الناس أخاف، ويتوقف عقلي عن التفكير، الأنا لدي متضخمة، دائما ما أردد أنا في كلامي، وكأنني أرسل رسالة بأنني موجود، في محاولة لاثبات نفسي البائسة.
أشعر دائما أن لدي أفكارا عظيمة، ولا أحد سيفهمني، لذا فأنا لا أتكلم مع أحد إلا نادرا، وعندما أتكلم أتقطع في الكلام، ولا أستطيع إرسال الفكرة للمتلقي، لذا فأنا صامت أغلب الوقت.
تراودني دائما تلك الأفكار العظيمة عن البطولات والأبطال، أعيش في الخيال لأهرب من الواقع، أفكر كيف أحرر فلسطين وأنا عاجز عن ترتيب سريري في الصباح، نقمت على المجتمع واتخذته عدوا لأنني اعتبرت أن قيمي لا تتناسب معه، وأنني أعلى فكرا منه، أعلم أن كلامي ضربا من الجنون، لكنني أبوح بما في صدري.
في أحد الأيام كتب لي طبيب دواء الزولوسير عيار ٥٠ فأصبحت نشيطا واثقا من نفسي فجأة، لكنني قطعته بعد فترة شهر وعدت إلى ما كنت عليه.
حفظكم الله، ووفقكم لما فيه الخير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ King حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الثقة بالنفس هي حسن اعتماد المرء بنفسه، واعتباره لذاته، وقدراته حسب الظرف الذي هو فيه (المكان، الزمان) دون إفراط (عجب أو كبر أو عناد)، ودون تفريط (من ذلة أو خضوع غير محمود).وهي أمر مهم لكل شخص مهما كان، ولا يكاد إنسان يستغني عن الحاجة إلى مقدار من الثقة بالنفس في أمر من الأمور، بدونها يفقد الإنسان احترامه لذاته، ويصبح عرضة لانتقاد واستغلال من حوله، وبالتالي يعيش حياة بائسة.
عكس ذلك فالشخص المتمتع بالثقة في نفسه تجده محط احترام الجميع، وتكون نظرته للحياة متفائلة، كما أن الثقة بالنفس تساعد الفرد على تقوية كل استجاباته للعوامل الخارجية التي يتعرض لها، سواء كانت عوامل نفسية أو اجتماعية، وتجعله قادرا على مواجه النقد والمشكلات التي تقابله بثبات وقوة ودون مواربة للأمور.
أحيانا تهتز هذه الثقة إذا تعرض الشخص لضغوطات معينة، أو تعرض لأزمة ما أو حدث تشوه لجسمه.
أخي العزيز: فيما يلي مجموعة من الأفكار التي سوف تساعدك بمشيئة الله على التخلص من المشكلة التي تعانيها بإذن الله:
- حدد السلبيات والإيجابيات في شخصيتك، وابدأ بالتخلص من السلبيات حسب الأولوية، فإذا كان وزنك الزائد يسبب لك مشكلة قصوى، ابدأ بحل هذه المشكلة، من خلال تناول الطعام الصحي، والانتساب إلى نادي رياضي، ومراجعة اختصاصي تغذية، وهكذا لبقية السلبيات التي تراها في شخصيتك، بمعنى آخر، قم بتنظيم حياتك ويكون ذلك ببدء التغيير من ذاتك أولا.
- توقف عن فوضى التفكير، وحدد خط سير لك ، لتبتعد عن الضياع بين الموضوعات والأفكار غير المهمة، وذلك يكون من خلال معرفة أولا: من "أنا" بالنسبة لي، ومن ثم انتقل لتعرف من "أنا" بالنسبة لهم، ففي البداية عليك تعزيز احترامك لنفسك، وهذا الاحترام يأتي من كونك تسير ضمن المنطق والأخلاق والعادات والتقاليد السائدة في المجتمع، لأنها هي معيار تقييم الشخص.
- بالنسبة إلى كونك أعلى فكرا من بقية أفراد المجتمع، فهذا غير ممكن بالطبع، ولكن أحيانا الانعزالية ورفض المجتمع يجعلان الشخص تتخاطر لديه أفكار غير عقلانية، ولكن هذا ضرب من الخيال، وليس له وجود في الواقع.
- بالنسبة للتلعثم بالكلام أو التردد فيه، الحل البسيط لذلك هو ترك وقت قصير بين تلقي السؤال أو المعلومة وبين الإجابة أو المشاركة في النقاش، فهذا يساعدك بشكل كبير في تنظيم أفكارك والتحدث بشكل متزن، ولغة سليمة منتقاة.
- لا تدخل في تفسيرات وتحليلات نفسية لحالتك؛ لأن ذلك قد يضرك ولا ينفعك، تضخم "الأنا" شيء مختلف، وليس له علاقة بحالتك.
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.