السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوج من 10 أعوام ولي ثلاثة أطفال، أواجه مشكلة مع زوجتي وتتلخص فيما يلي:
أنها سريعة الغضب لأتفه الأسباب، وأنا أشبه نفسي بأنني أعيش في حقل ألغام، فعلي أن أكون كثير الانتباه وإلا سينفجر في وجهي لغم في أي لحظة.
لقد كنت في السابق أتجنب الاحتكاك بها مباشرة عن طريق لفت مشاهدة التلفزيون، أو عدم التحدث في أي موضوع يتطلب نقاشا جديا؛ لأن النقاش سيتحول إلى معركة شرسة، وكنت أخفي عنها الكثير من القضايا؛ لأن مجرد النقاش سيتحول إلى صراخ، ولكن المشكلة الآن أن أولادي أصبحوا كبارا، البنت في سن 10 ، والولد 8 ، والبنت الصغيرة ثلاث سنوات، وأنت تعلم الأولاد ومشاكلهم، وخصوصا أن ابني محمدا ابن الثامنة هو كثير الحركة والغلبة، ويتطلب التعامل معه كثيرا من الصبر، وابنتي فرح كثيرة الأسئلة وتريد معرفة كل شيء.
أصبح البيت كأنه ساحة معركة بين الأولاد من طرف وأمهم من طرف آخر، وأنا أصبحت حائرا ولا أدري ماذا أفعل؟
إن زوجتي هي امرأة مهتمة جدا في منزلها وفي أولادها، ولكن هذه العصبية الزائدة جعلت العيش معها أمرا لا يطاق، ولا أخفي عليك بأنني فكرت كثيرا من المرات في طلاقها، ولكن علمي مدى تأثر الأولاد منعني.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل: أبو محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعا رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!
فإن الطلاق مع وجود الأولاد يزيد تعقيد المشكلات، وآخر الدواء الكي، والطلاق أبغض الحلال إلى الله، وأرجو أن تنتبه لمستقبل الأطفال، وأرجو أن تضع إيجابيات هذه الزوجة إلى جوار السلبيات، وعند ذلك سوف يتضح لك ما فيها من الخير، وهذا هو توجيه رسولنا القائل: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر)، وطوبى لمن انغمرت سيئاته في بحور حسناته.
وأرجو أن تساعدها في تربية الأولاد، وتأخذهم بعيدا عنها في لحظات توترها وثورتها، مع ضرورة تجنب الأمور التي تغضبها، والسكوت عند غضبها والعمل على إرضائها كما قال أبو الدرداء لزوجته: (إذا غضبت فرضني، وإذا غضبت رضيتك وإلا لم نصطحب).
ولا تظن أن الطلاق حل للمشكلة، ويخطئ من يظن أنه سوف يجد امرأة بلا عيوب، وذلك لأنها خلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وكسرها طلاقها، ثم قال صلى الله عليه وسلم: (فاستوصوا بالنساء خيرا).
وأرجو أن تعلم أن المرأة يزداد توترها إذا لم تجد التقدير من زوجها، خاصة مع وجود الأطفال الذين يحتاجون إلى رعاية مستمرة، فالأم هي الموظف الذي يعمل طوال الليل والنهار، ويعجبها أن تسمع بعد ذلك كلمات طيبة من زوجها، وحتى إذا شكت المرأة من الأتعاب فإن الحل ليس في دعوتها إلى ترك المهام أو التقليل من العمل، بل ربما زاد هذا النوع من الحلول من توترها.
فإذا كثرت مشاكل الأطفال فحاول أن تأخذ بعضهم معك، وخاصة الطفل الذكر، واحرص على شغلهم بالمفيد ومنحهم جرعات من العاطفة، لأن الطفل قد يعبر عن الجفاف العاطفي بالتمرد والشغب حتى يلفت الأنظار ويضع نفسه على منصة الاهتمام، وربما كانت مشاكل الأطفال لإحساس بعضهم بالإهمال أو التفريق في المعاملة بينه وبين إخوانه، وإذا عرف السبب بطل العجب!
وأرجو أن تعرفوا أن من الخير أن ينهي الطفل مشاكله ولعبه في المنزل، فعليكم بالصبر وشغل الأطفال بالمفيد، وإبعاد الأشياء المضرة من طريق لعبهم، وأرجو مشاركتهم في اللعب لإدخال السرور عليهم وتحقيق الإشباع العاطفي الذي يعيد للطفل هدوءه.
وتذكر أن الشريعة قدرت الظروف الخاصة بالمرأة فوضعت عنها بعض التكاليف، وفي ذلك دعوة للرجال إلى الشفقة على المرأة، فرفقا بالقوارير، وتذكر أن رسولنا صلى الله عليه وسلم كان يحتمل من زوجاته، وأن من تمام العشرة احتمال الأذى، وإذا تذكر الإنسان مشاكل الناس هانت مشاكله وصغرت في عينه مصائبه.
وعليك بكثرة الدعاء فبه يرتفع البلاء، وأكثر الاستغفار والمسارعة إلى الخيرات، فإن بيوتنا تصلح بطاعتنا لله قال تعالى: ((وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا))[الأنبياء:90].
والله ولي التوفيق والسداد.