تغيرت حياتي إلى الأسوأ بعد عودتي إلى بلادي.. ما نصيحتكم؟

0 42

السؤال

عمري 23 سنة، ولدي عمل جيد، ولله الحمد.

عندما أنهيت الثانوية قبل 6 سنوات حصلت على بعثة للدراسة في استراليا، استراليا كانت نقطة تحول في حياتي، حيث إني التقيت بأخي هناك وتأثرت به، وصرت أكثر التزاما، وكنت أحضر المحاضرات الدينية ما لا يقل عن 3 مرات أسبوعيا، وكنت أحيانا أقوم بتنظيم هذه المحاضرات، كما أني كنت نشطا في دعوة غير المسلمين للإسلام، وأثمر هذا العمل على إسلام 12 شخصا على يدي في سنة واحدة، ولله الحمد.

كان هدفي الأساسي من ذهابي إلى هناك هو الاستقرار، ولكن بعد فترة عرض أهلي علي فرصة تدريب للحصول على عمل جيد في بلدي بعد جدال أقنعوني بالأمر، وعندما أنهيت التدريب عدت الى بلدي، وذلك نهاية عام 2019، أي بعد 5 سنوات من إقامتي هناك.

منذ عودتي لم أستطع التأقلم مع البيئة الجديدة، حيث إنه لا يوجد أي فعالية دينية على الإطلاق في هذا البلد والمساجد مقتصرة على الصلاة فقط، والتي أغلقت في فترة كورونا، بل إني أجزم أنه لم يسبق لي أن حضرت أي فعالية دينية في هذا البلد، فحصل أني بدأت في الانتكاس، حيث إني صرت لا أقرأ القرآن إلا في الجمع، وصرت نادرا ما أقرأ أذكار الصباح والمساء، ولم أعد أقرأ في كتب العقيدة والفقه كما كنت أفعل عندما كنت في أستراليا، وصرت أتجرأ على كثير من الذنوب التي عاهدت نفسي على أن لا أقترفها هناك، وساءت أخلاقي في التعامل مع أهلي خلال هذه الفترة، وصرت أجادل والدي وأرفع صوتي أحيانا، حتى لاحظ الجميع تغيري كما فسدت كثير من دنياي، حيث صرت مكتئبا أغلب الوقت، وأقضي أغلب وقتي في البيت، ولم أعد أطيق الناس.

ماذا تنصحونني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك ابننا الفاضل في الموقع، ونشكر لك حرصك على الإسلام والدعوة إليه، ونحيي تمسكك بالإسلام عندما كنت تدرس في بلاد بعيدة عن ديار الإسلام، ونسأل الله الذي ثبتك هناك أن يثبتك حتى تلقاه، وأن يثبتنا جميعا حتى الممات.

لا شك أن وجود الإنسان في بلده له أثر كبير جدا، ونحن نتمنى أن تنقل ذلك النشاط وذلك الحماس إلى بلدك وإلى أهلك، وتجتهد في أن تتأقلم مع هذا الوضع الجديد، واعلم أن عدم وجود نشاط ديني لا يعني أن يتراجع الإنسان، ولكن يعني أن يبادر الإنسان ويبدأ بتأسيس عمل دعوي، ولو بدأت بحلقة للتلاوة مع أقرانك ومع أصدقائك، ثم بحلقة ذكر وتعليم داخل البيت مع أفراد الأسرة.

ونحب أن ننبهك إلى أن التعامل الرائع مع الوالدين ومع أفراد الأسرة هو من أكبر ثمار الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، والنبي عليه صلاة الله وسلامه قال له ربنا العظيم: {وأنذر عشيرتك الأقربين}، هذه تعتبر من أول حلقات الدعوة إلى الله تبارك وتعالى.

وإذا كنت هناك في أستراليا ترتاح وتزداد إيمانا لكنك وحدك، لكن هنا أرجو أن ترتفع بأهل البيت وبأسرتك وبأصدقائك وممن حولك إيمانيا وعلميا، واعلم أن هذه السنة التي جئت فيها لا تصلح للحكم، لكون هذا المرض الذي سيطر على الدنيا وأعاق الكثير من عمل الخير وكثير من الفعاليات، بل جعل الناس في وضع لا يحسدون عليه، ونسأل الله أن يغفر لنا جميعا ذنوبا وإسرافنا في أمرنا.

فما بعد الكورونا يختلف في كل مكان، ليس هنا عندكم فقط، ولكن على كل وجه هذه الأرض، ما أكثر الأنشطة التي توقفت، ما أكثر المساجد التي أغلقت، ما أكثر الأعمال الدعوية التي تعطلت، ولكن المؤمن دائما يتكيف مع الظرف الذي هو فيه.

فعدم وجود محاضرات وعدم وجود فعاليات لا يعني أن يتراجع الإنسان، لذلك أرجو أن تصحح المسار، وتبدأ بالتوبة النصوح لما حصل منك من التقصير، ثم تجتهد في أن تقيم الصلوات أولا، ثم بعد ذلك تتدرج من بعض الفرائض إلى النوافل، ثم تسعى في إصلاح من حولك، ونشرف بمتابعتك معنا حتى نضع الخطط المناسبة لأعمال دعوية يستفيد منها الأهل، الذين هم أولى الناس بدعوتك وبنصحك وبإرشادك، نسأل الله أن يثبتك وأن يلهمك السداد والرشاد.

مواد ذات صلة

الاستشارات