السؤال
السلام عليكم.
أعاني من شك أمي الزائد بي، وهذا الأمر يتعبني ويسبب لي الألم الشديد، حقيقة الأمر معي غير محتمل قد وصل إلى الذروة الحقيقة، لدرجة أنني كرهت نفسي وصرت أكره الحديث معها.
تشك في كل شيء، أو في معظم الأشياء كرهت نفسي، فالأمر غير محتمل، حاليا أنا مستقرة عند أحد أقاربي ولا أريد العودة إلى المنزل، فما الحل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rania حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك أجمل ترحيب.
غاليتي: أشعر بمعاناتك وألمك وما تمرين به من خلال عباراتك حيث ذكرت لنا :"الأمر غير محتمل حقا حتى أني حاليا عند أحد أقاربي لا أريد العودة إلى المنزل ما الحل"، ويبدو لي أنك تمرين في مرحلة الشباب التي تعطيك إحساس أنك مستقلة، ولا تريدين مراقبة وتدخل أحد.
ولكن بنيتي هل حاولت أن تتفهمي لماذا أمك تشك بك هكذا؟ وخاصة أن الزمن تغير وظهرت وسائل تواصل لم تكن موجودة في عصر شبابها، وهي لم تتمكن من استخدامها أو ليس لديها القدرة على فهمها، مما زاد في تشددها معك وخوفها عليك.
ومن دون شك خوفها وقلقها مما تسمع عن وسائل التواصل الاجتماعي واستعمالاته، أو ربما المجتمع لديكم مغلق وعاداته شديدة على الفتاة!! أو ربما والدتك نشأت في بيئة محافظة جدا جدا، ثم إن كل تصرفات والدتك تدل على خوفها الشديد وحرصها عليك، فهي معذورة ولا تلام فأنت ابنتها وقرة عينها، وما ترى وتسمع من سلوك بعض الفتيات في هذه الأيام يجعلها تشدد عليك أكثر؛ وليس المقصود الشك الزائد بك كما تظنين، ولكنها تعبر بطريقة وبأسلوب عفوي وخاطئ.
ولا تنسي أنه قد يكون السن والطباع السبب الرئيسي في طريقتها معك، فحاولي أن تتعرفي على نمط شخصية والدتك واعرفي مفتاحها، وسترين كيف أن تعاملك معها سيختلف، لذا عليك أن تعذري أمك ولا تجعلي وساوس الشيطان تحرمك من حنان أمك وتبعدك عنها، ولا تستسلمي لفكرة (الشك الزائد)؛ فهي أكثر البشر خوفا عليك وحبا لك.
أنصحك أن لا تلتفتي إلى أسلوب الوالدة، واعتبريه نوعا من الخوف والمحبة الزائدة، فلعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.
وابحثي عن حسنات والدتك وستجدينها كثيرة غاليتي، والصبر على أذى الوالدة من أعظم البر به، وتذكري ألا يعلو صوتك عند الحديث معها لئلا تقعي في عقوقها في تلك اللحظات التي قد ينفذ الشيطان إلى قلبك ويدخلك في دائرة العقوق.
فالأم لها ثلاثة حقوق؛ لأنها عانت من آلام الحمل، وآلام الوضع، وآلام الحضانة والرضاعة ما لم يعانه الأب، فقد قال -تعالى-: {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير}، فتقبلي والدتك كما هي، وقال تعالى: {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}، ويكفي أنها أمك كي تكني لها كل الاحترام والحب.
ومهما كانت شخصيتها، فالشرع أمرنا أن نلتمس العذر لمن حولنا، فما بالك بأقرب الأقارب وهي والدتك؟! ولا أظن أن هناك صعوبة في معرفة الأشياء التي تجلب غضب الوالدة، فأرجو أن تبتعدي عن كل ما يثيرها ويغضبها، ونحن بلا شك لا نؤيد الوالدة في أسلوبها، ولكننا نلتمس لها الأعذار.
عليك العودة إلى المنزل والأفضل أن تبحثي عن شخص يحسن علاج المشكلة وله تأثير على والدتك مثل (العمة، الخالة)، وتوضحي لها بعض السلبيات في تعاملها معك، فربما ما ترفضه منك تقبله من امرأة في مثل سنها؛ حيث إن الكثير من الأمهات ينظرن إلى بناتهن وأبنائهن على أنهم صغارا وقليلي دراية حتى إن وصلوا الستين من العمر، والتغيير لن يكون بين ليلة وضحاها، فاصبري وصابري وتوكلي على الله تعالى.
وأرجو أن تحافظي على سمعتك وحفظ كرامة أهلك بين الناس!
تجنبي الألفاظ المستفزة خلال الحديث مع والدتك، واسعي لإعادة الثقة بينك وبينها، وما تشعرين به (من نفور) تجاهها ليس إلا مشاعر مؤقتة -وبإذن الله تعالى- ستزول بمجرد تحسن الوضع بينك وبين والدتك..
أكثري من الدعاء والصلاة على نور الهدى المصطفى وشفيع رب البرية.
أسال الله -عز وجل- أن يفرج همك، ويؤلف بين قلبك وقلب والدتك ليعم السلام منزلكم.