الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدتي تريد إخراجي من المنزل لأنها منزعجة من أطفالي، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم

زوجي سافر إلى الخارج، وليس لدي بيت، وأقيم في بيت أهلي، وعندي طفلان، والمشكلة أن أمي مضيقة عليَّ عيشتي، وعلى أطفالي، وتريدني أن أخرج وأستأجر بيتاً، ولا تريدني عندهم في البيت، علماً بأني ليس لدي مكان أقيم فيه أنا وأطفالي، وهي تقول: إنها ليست مجبرة أن تتحمل صوت الأطفال، وحركتهم الكثيرة، وتسمعني كلاماً يضرني سماعه، كلما خرجت ودخلت.

أشعر بأني صرت أنفر منها، وهي تظلمنا نحن البنات، وتفضل إخواني الذكور علينا، وعندها تفريق بالمعاملة في أمور كثيرة.
فهل من واجبهم أن يستقبلوني أنا وأطفالي إلى حين يستطيع زوجي أن يأخذنا عنده؟ وإذا أخرجتني من بيتهم وقطعت صلتي بها، فهل أكون آثمة؟

أرجو الرد، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريحانة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعنا إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يحفظك وأن يبارك فيك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت به فاعلمي -أيتها الفاضلة- ما يلي:

1- حب الأم لابنتها فطرة فطرها الله عليها، فلا يحملك تصرف والدتك أو شدتها على تجاوز هذه الفطرة، أو على أخذ موقف سلبي منها، فهي أمك، والواجب عليك برها ورعايتها والتخفيف عنها، خاصة والأم عند الكبر تحتاج إلى الراحة لا إلى المعاناة والتعب.

2- البر في الشريعة غير مرتبط بالحقوق والواجبات، بل لو منعتك الأم من حقوقك فلا يجوز عليك عقوقها أو قطع صلتها، بل لو حملتك على الكفر بالله العلي العظيم فلا يجوز لك ترك مصاحبتها مع الإحسان إليها، ويجب عليك عدم سماع كلامها في الكفر بالله، وهذا كلام الله الذي خلقك وخلقها، قال تعالى: (وإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ).

المعنى كما يقول الإمام الطبري: "وإن جاهدك أبوك أو أمك أيها الإنسان على أن تشرك بي في عبادتك إياي معي غيري، مما لا تعلم أنه لي شريك، ولا شريك له تعالى ذكره علوّا كبيراً، فلا تطعهما فيما أراداك عليه من الشرك بي، وصاحبهما في الدنيا بالطاعة لهما فيما لا تبعة عليك فيه، فيما بينك وبين ربك ولا إثم". فانظري -بارك الله فيك- كيف أن الله الذي خلقك وأمرك بعبادته، هو ذاته جل شأنه الذي يأمرك بمصاحبتها بالمعروف.

3- الأمر الذي يجب عليك معرفته أن نفقتك وأولادك وسكنك ليس واجباً على الوالدة، بل واجب على الزوج.

وعليه فإننا ننصحك بما يلي:
1- تصفية قلبك أولاً من ناحية أمك، والحذر من عقوقها حتى لو بدر منها ما يؤذيك، فهي أمك وأنت بنتها وحبيبتها، وأولادك كذلك وإن أغلظت عليكم.

2- الإحسان إليها والتحدث معها وتفهم ما يؤلمها ويؤذيها، والاجتهاد في تقليل الشغب ما أمكنك ذلك، مع مساعدتها في أمور البيت، فإن هذا كله مما يعينها على التحمل، ويعينك على تجاوز هذه المحنة.

افعلي هذا -أختنا- مع وضع مساحة للتغافل، وعدم التفكير السلبي في التفرقة بين الأبناء والبنات، فأنت أم وتعلمين جيداً محبة أولادك في قلبك، فأغلقي على الشيطان هذا الباب، وأكثري الدعاء بين يدي الله -عز وجل- أن يصلح الحال وأن يتم لزوجك الخير.

ونوصيك بأمك خيراً، فإن البر إرث مسترد، الإحسان إليهم مردود من أولادك، كما أن العقوق كذلك.

بارك الله فيك وأحسن الله إليك، والله المستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات