السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا سيدة متزوجة منذ 10 سنوات، لدي ابنتان، مشكلتي كذب زوجي الدائم في أمور بسيطة -حتى ولو كانت الحقيقة واضحة أمامي وأمامه-، فهو يصر ويكذب إلى أن يعترف بكذبه، ولو سألته عن سبب كذبه، يقول: بسبب خوفي من غضبك.
فقدت الثقة به، بسبب تكرار هذا الأمر على مدى سنوات طويلة، وأصبحت أشك فيه، وقد حصلت مشكلة كبيرة قبل 5 سنوات، وأنكر الأمر، علما أني سامحته، لكني أشك أنه فعل الشيء الذي أنكره، وأصبحت حياتنا جحيما بسبب كذبه وشكي.
صار لا يفهم أن شكي بسبب كذبه، فأنا لم أكن هكذا، علما بأني أعمل وأساعده في الصرف على المنزل، وأقوم بتربية بناتي وحدي، فهو دائم الانشغال بنفسه، وبالنوم والتلفاز، ولا يشاركني في شيء، وبسبب حالتي النفسية أصبحت أستصعب تربية بناتي، وأضغط على نفسي لأقوم بمسؤولياتي تجاههم.
أفكر في أن أنفصل عنه، وأبقى معه في نفس البيت، لأجل بناتي فقط، حتى أستطيع أن أربي بناتي بصحة نفسية، بعيدا عن الضغوط، وأتركه مع طبعه الذي لا يتغير، فلقد أصبح يسبب لي الضيق والمشاكل، فما رأيكم؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Amna حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا وابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال قبل اتخاذ القرار، وندعوك للمحافظة على أسرتك، ونسأل الله أن يكتب لك السعادة والاستقرار.
لا شك أن الكذب خصلة ذميمة، والنبي عليه الصلاة والسلام كان إذا لاحظ هذه الخصلة في الإنسان لا يقبل عليه، كما قالت أمنا عائشة رضي الله عنها، (حتى يعلم أنه أحدث توبة).
لذلك نتمنى أن يتخلص زوجك من هذه الخصلة، وأرجو أن تكوني عونا له على ذلك، وأحب أن أؤكد أن الرجل يكذب أحيانا، إذا كانت شخصية المرأة قوية وتمارس معه التحقيق وتشتد عليه في حال الخطأ، وطبعا هذا أسلوب غير صحيح منه ولا منها، لأن الخطأ لا يعالج بالخطأ، فكثرة التحقيق لها أثر، أنت تقولين جاءك الشك بسبب كذبه، والكذب الذي عنده بسبب شدة التحقيق منك، وشدة التدقيق عليه في تصرفاته.
لذلك أرجو أن ينتبه كل طرف منكم إلى هذا المعنى، ونتمنى أن تحافظي على أسرتك وعلى بيتك، وإذا ذكرك الشيطان بالخصال السالبة التي في زوجك فتذكري حاجة البنيات له كأب وكرجل في البيت، وتذكري ما فيه من الإيجابيات ولو كانت قليلة، واعلمي أنه لا يفرح بالطلاق سوى عدونا الشيطان.
لذلك نتمنى أن تحافظي على أسرتك وتحافظي على بيتك، وتستمري في معالجة هذا الخلل الحاصل، وأرجو ألا ينعكس آثار هذا الخطأ عليك سلبا، فأنت قد عرفت الشخص الذي أمامك، فتكيفي معه، وتعايشي معه، واعلمي أن هذه الحياة لا تخلو من الجراح، ولا تخلو من الإشكالات والصعوبات، ولقد أحسن الشاعر في قوله في وصف الحياة الدنيوية:
جبلت على كدر وأنت تريدها ** صفوا من الأقذاء والأكدار
ومكلف الأيام فوق طباعها ** متطلب في الماء جذوة نار.
اعلمي أيضا أننا رجالا ونساء لا نخلوا من النقائص والعيوب، فطوبى لمن تنغمر سيئاته في بحور حسناته، ولذلك أرجو أن نستحضر هذه المعاني، واعلمي أن بقاء هذا الرجل في البيت مع الأسرة، مع تشجيع الإيجابيات التي عنده وتخفيف التحقيق والتدقيق عليه، وتحمله بعض المسؤوليات، والتوجه إلى رب الأرض والسموات بالدعاء، هذه أمور كفيلة بأن تعينك على استمرار سفينة الحياة، وبما أنك تواصلت مع موقع شرعي؛ فنحن نريد منك أن تغيري أسلوب التعامل معه، خاصة الشدة، الاتهام، التحقيق، التدقيق، المطاردة، هذه أمور حاصلة، وهو قد أشار لك أنه يخاف من غضبك، وهذا دليل على أن الكذب هذا له أسباب.
لذلك نتمنى أن تتداركي هذه الإشارة التي نبهناك عليها، وكذلك أيضا أن تستمري في نصح الزوج (بالرفق والحكمة وقيامك بواجباتك وحقوقه عليك)، واجعلي إصلاحه هدفا لك، وبشرى لك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم)، فكيف إذا كان الرجل هو زوجك وأبو البنيات؟!
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.