السؤال
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مؤخرا أصبحت أخاف كثيرا، مع أنني كنت غير ذلك تماما، أصبحت أقلق كثيرا وأخاف الظلام، أصبحت أقلق من أي اتصال، خاصة بعد وفاة عمي في حادث، لكن هذا كان منذ ٤ أو ٥ سنوات.
منذ أسبوع كنت عادية جدا، وذهبت للنوم، وفجأة شعرت أني أبرد وأحسست بتنميل ينتشر من قدمي لرأسي، وبدأت أرتجف بطريقة غير طبيعية، وظننت أنه الموت، خفت كثيرا، وعرفت بعدها أنها نوبة هلع، من بعدها وأنا لا أفكر في شيء إلا الموت، وأخاف أن أموت أو أن أحدا من أهلي -حفظهم الله- سيموت.
ما أستغربه هو أني كنت مقتنعة تماما قبل ذلك أنه (لكل أجل كتاب)، وكنت مستعدة للموت ومتشوقة للآخرة، الآن أي شيء يذكرني به أشعر بضغط على قلبي، وأفكر أكثر، وأحاول تشتيت نفسي وأنجح لكن قليلا، حتى أظن أني شفيت، وهذا الضغط يعود مرة أخرى، وفي بعض الأحيان يكون مصحوبا بدوار، وواجهت هذه النوبة ثانية منذ عدة أيام.
هل فعلا أخذ الروح بهذا الرعب؟ كلما تذكرت ما حدث لي خفت، لكنني أعلم تمام العلم أن ما أعده الله للمتقين في القبر والآخرة أعظم بكثير من الدنيا -جعلنا الله وإياكم منهم- لكن لا أدري ما يحدث لي حقيقة.
هل هو عقاب من الله أم امتحان أم ماذا؟ لا يوجد لدي شغف كما كنت من قبل، وأصبحت أفعل ما علي لأشغل يومي، وليس بشغف كما كنت سابقا، حتى إني أصبحت لا أريد أن آكل شيئا، وكلما رأيت أحدا أفكر (كيف لا يفكرون في الموت، ماذا لو أن أحدا مات)؟ حقا عقلي كله أصبح مليئا بهذا التفكير، ولا أدري ماذا أفعل؟!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ روان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جزاك الله خيرا على ثقتك في استشارات إسلام ويب.
رسالتك واضحة جدا، فالذي عندك هو قلق مخاوف وسواسي، يتمركز حول الموت، وهذا شائع جدا ومنتشر، والأمر طبعا لا علاقة له بالموت، لأن الموت أمر محسوم، {إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر}، لا نقاش حوله أبدا، والمسلم له قناعاته حول الموت، ونحن دائما نرى أن الخوف المحمود من الموت هو الأفضل، أما الخوف المرضي فهو مرفوض تماما.
الخوف المحمود يجعل الإنسان يتذكر الموت، يسعى ويعمل لما بعد الموت، يكون حذرا ألا يكون في وضع يأتيه الموت وهو متلبس بالآثام والذنوب، وهذا يجعل الإنسان يعيش الحياة بقوة وبأمل ورجاء، ويسعى لدنياه ويسعى لآخرته.
هذه قناعات عظيمة، قناعات إيمانية، وأنا تلمست من رسالتك أنك -ما شاء الله تبارك وتعالى- لديك هذه القناعات، لكن ما حدث لك من تغيرات فسيولوجية مع نوبة الهلع جعلك تخافين من الموت بشيء من التفكير الوسواسي المزعج والقلقي، ولذا أنا أقول لك:
أولا: عليك الدخول في برامج سلوكية إيجابية، بتحقير الفكر المرضي حول الموت.
ثانيا: أن تملئي وقتك بما هو مفيد وتتجنبي الفراغ.
ثالثا: تمارين الاسترخاء مهمة جدا لعلاج مثل هذه الحالات. مكون القلق عالي جدا مع نوبات الهرع والمخاوف الوسواسية، وعليه فالتمارين الاسترخائية تعالج القلق المحتقن والقلق السلبي.
لذا يجب أن تتدربي على هذه التمارين من خلال إما أن تذهبي إلى مختصة نفسية لتدربك عليها، أو تفتحي أحد البرامج الموجودة على اليوتيوب وتطبقي البرنامج بدقة وبإقبال واندفاع إيجابي نحوه، وهو مفيد جدا.
ممارسة الرياضة أيضا تفيد كثيرا، والفائدة الكبرى -إن شاء الله- تأتي من أحد الأدوية السليمة والفاعلة والمضادة لرهاب المخاوف من الموت وغيره.
من أفضل الأدوية عقار يسمى (سبرالكس) واسمه العلمي (استالوبرام) من الأدوية الممتازة جدا والسليمة، وغير الإدمانية، ولا تؤثر على الهرمونات النسائية.
الجرعة في حالتك هي أن تبدئي بخمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تناوليها لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك تناولي عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثما جعليها خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
هذه جرعة صغيرة والدواء سليم وفاعل، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.