السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي: قبل ٨ سنوات قرأت مواضيع في النت عن السحر والجن، وكان من باب الصدفة والفضول للتعرف عن هذا العالم، ولكن أثناء قراءتي أحسست بشعور مخيف جدا، أحسست أن جنيا تلبس بي بسبب قراءتي لهذه المواضيع، واستمرت معي هذه الحالة مدة شهر تقريبا، خوف وذعر، وأحسست أن شيئا يريد أن يخرج من جسدي، أو سأصاب بالجنون!
قرأت القرآن والرقية الشرعية، ولكن الحالة بقيت مستمرة، قلق وخوف، وفي يوم من الأيام كتبت حالتي التي أصابتني على النت، وقد عرفت أنها نوبة هلع وخوف، ولا أصل للجن في هذه الحالة.
الصراحة ارتحت من هذا الشعور المزعج والمخيف، واختفت حالتي تماما لمدة ثمان سنوات، اختفى الهلع والخوف.
قبل أسبوع تقريبا كانت تأتيني نخزات من القلب وألم في الصدر، وأتاني خفقان شديد، عملت تحاليل قلب، وكانت سليمة، واستمر عندي قلق، وبسبب هذا القلق أتاني الشعور القديم الهلع المزعج، وأحس أن روحي تريد أن تخرج مني، وبسبب قراءتي لمواضيع الهلع سمعت أنه مزمن ولا يذهب، وهذا الشيء أثر علي وصرت حتى أخاف أن أخرج إلى الشارع، وحتى الطعام قطعته.
ما الذي أفعله الآن؟ كيف أتخلص من هذا الشعور المزعج؟
علما أن هذا الشعور يأتي فقط حين أذكره، وأما حين أكون مشغولا لا يأتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:
احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، هذه وصية نبينا صلى الله عليه وسلم لأمته كلها، فالدخول إلى شبكة الإنترنت والتفتيش في قراءة مواضيع تضر ولا تنفع، أو فيها ضياع للوقت الذي هو رأس مال المسلم، أمر غير محمود، وله تبعاته.
ما لهذا خلقنا الله تعالى، وهذا نوع من العبث في الحياة والوقت، يقول سبحانه وتعالى: (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم).
لقد خلقنا الله تعالى لغاية عظيمة، وهي عبادته سبحانه وتعالى، فالواجب علينا أن نحقق هذه الغاية، يقول ربنا جل في علاه: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).
الهلع والخوف مسألة نفسية وسواسية، فالشيطان هو الذي يأتيك بتلك الأفكار في حال فراغ ذهنك، وأنت تستسلم لها وتعمل فكرك فيها، وتغرق في التفكير بها، ولهذا تكون النتيجة الهلع والخوف، ويدل على هذا أنك حين تكون منشغلا بعمل ما لا تأتيك هذه النوبة.
لدفع تلك الوساوس والأفكار قم باحتقارها فور ورودها، وقطعها، مع الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ثم النهوض من المكان الذي أتتك وأنت فيه، وممارسة أي عمل يلهيك عنها، واحذر من الخلوة، فإن الشيطان يهجم عليك بأفكاره السخيفة.
نوصيك بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها، والإكثار من تلاوة القرآن، بحيث تقرأ ورقتين بعد كل صلاة، فتختم جزءا بعد العشاء، إن شاء الله تعالى، وفي حال فراغك استمع لما تيسر من القرآن، فمن فوائد تلاوة القرآن واستماعه حصول الطمأنينة للنفس، كما قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
حافظ على أذكار اليوم والليلة، ويمكنك الاستفادة من تطبيق أذكار المسلم، أو كتاب حصن المسلم، للشيخ القحطاني رحمه الله تعالى، فالمحافظة على ذلك فيه تحصين لك من كل شر.
اجتهد في تقوية إيمانك من خلال كثرة الأعمال الصالحة المتنوعة، فذلك من أسباب جلب الحياة الطيبة الهادئة والمطمئنة، يقول تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
اشغل أوقات فراغك بكل عمل مفيد، كالقراءة والرياضة وزيارة الأرحام والأصدقاء الصالحين، فهذا كله سيلهيك عن تلك الأفكار.
الزم الاستغفار وأكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فذلك من أسباب تفريج الهموم، وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).
تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد لله، وسل ربك أن يذهب عنك ما تجد، وأكثر من دعاء ذي النون: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
ارق نفسك صباحا ومساء بما تيسر من القرآن كالمعوذتين والإخلاص والفاتحة وآية الكرسي، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، والأدعية المأثورة، ثم انفث في كفيك وامسح بهما ما استطعت من جسدك، فالرقية نافعة مما نزل ومما لم ينزل.
نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى لنا ولك الاستقامة والسداد والتوفيق.