السؤال
السلام عليكم.
أصبت بنوبة هلع شديدة في إحدى الليالي التي كنت أسهر فيها، لأني كنت أسهر الليل وأنام النهار، وظننت أنه الموت، ضربات قلبي كادت أن تتوقف وقلبي يعتصر بقوة، وكأن أحدا يعصره بيده، وتنفسي قل كثيرا، وشعرت بطنين في الأذنين وكدت أن أفقد وعيي.
ذهبت للمشفى فقاموا بفحص القلب فوجدوه سليما، لكن ظهر في التحليلات الأخرى أن لدي نقص فيتامين د، وجرثومة المعدة.
بعد نوبة الهلع أصبت بصدمة نفسية، وكل مرة أشعر بآلام في القلب، وغازات محتبسة تحت الصدر، بدأ الاكتئاب يسيطر علي بسرعة وقلق وتوتر وخوف حاد، بدأت أهلوس كثيرا ولا أنام إلا ساعة في اليوم، تارة أشعر بأني في حلم وتارة أرى شكلي غريبا وأنظر للناس كأنهم مخلوقات أخرى، وليسو البشر الذين عرفتهم سابقا، وأرى الدنيا والسماء كأنها علم آخر.
وصلت بي الوساوس أني أحيانا أقول بأني غير موجود، وأنه لدي وهم، والحياة كلها وهم، ولا يوجد بشر ولا حياة، ولقد تعبت كثيرا من هذا الأمر، أعتذر عن الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جزاك الله خيرا، وأشكرك على ثقتك في إسلام ويب.
أخي: هذه التجربة التي مرت بك، وهي نوبة الهرع الشديدة المرتبطة بالسهر، يجب أن تكون عظة عظيمة لك – أخي الكريم – لأن السهر أصلا يتناقض تماما مع الصحة النفسية والجسدية، الله تعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم، والله تعالى جعل لنا الليل لباسا والنوم سباتا وجعل لنا النهار نشورا للعمل والكد والاجتهاد، وقد اتضح بما لا يدع مجالا للشك أن هنالك بعض المواد الكيميائية الدماغية الإيجابية المفيدة للصحة النفسية والجسدية لا تفرز إلا في أثناء الليل وفي خلال النوم وعند البكور.
أعتقد أنه قد وصلتك رسالة مفيدة جدا، وهي أنه يجب أن تتجنب السهر، ويجب أن تنام نوما ليليا مبكرا، تستيقظ مبكرا، تؤدي صلاة الفجر، وتبدأ يومك، وما أجمل البكور، وما أجمل الصباح، وما أنفع الصباح، كل الناجحين دائما يبدؤون يومهم مبكرا.
هذا شيء طيب ويجب أن تستفيد منه، وهذه خطوة كبيرة نحو الشفاء إن شاء الله تعالى والتعافي، وأن تعيش حياة صحية نفسية وجسدية سليمة.
بقية الأعراض التي تحدثت عنها وهي نتاج للهلع: حقيقة الهلع هو عبارة عن قلق حاد، وكثيرا ما ينتج عنه وسوسة، وكثيرا ما ينتج عنه أعراض نفسوجسدية، مثل ما ذكرته من شعور بالغازات وشيء من الضيق في الصدر، ومخاوف، وقلق وتوترات، فهذه حقيقة كلها أعراض مرتبطة بالقلق، خاصة قلق المخاوف.
إذا نحن نصحناك بالحياة الصحية، والتي يجب أن تبدأ بالنوم الليلي المبكر، ثم عليك بممارسة الرياضة، الرياضة أيضا الآن لها اعتبار كبير جدا في حياة الناس، وتعتبر هي أحد الأسس الرئيسية للحياة النفسية والجسدية الإيجابية.
تنظيم الوقت وحسن إدارته مطلوبة، أيضا أن تبدع في عملك، وأن تحب عملك، وأن تطور ذاتك؛ هذا مهم، الترفيه عن النفس علاج أساسي، ويؤدي إلى صرف الانتباه حقيقة من الأعراض النفسية القلقية، مثل التي تعاني منه.
الصلاة في وقتها، الحرص على الأذكار، المحافظة على الورد القرآني، القراءات والاطلاعات الجميلة، التأمل الإيجابي خاصة قبل النوم، وقبل أن يقرأ الإنسان أذكار النوم، تطبيق تمارين استرخائية أيضا مهمة جدا في الحياة الصحية النفسية الإيجابية للإنسان، فأرجو أن تحرص على كل هذه المكونات العلاجية التي ذكرتها لك، ولا بد أن تكون لك آمال وطموحات، وتعيش الحاضر بقوة، وتعيش المستقبل بأمل ورجاء.
أخي: حتى نضمن إن شاء الله تعالى اكتمال الصحة النفسية لديك لا مانع أن تتناول أحد الأدوية البسيطة والسليمة والفاعلة، أحد مضادات القلق والمخاوف الوسوسة، ومحسنات المزاج، هي كثيرة لكن الـ (سبرالكس) والذي يسمى علميا (استالوبرام) بجرعة صغيرة ولمدة قصيرة؛ أراه مناسبا جدا لحالتك.
تبدأ في تناوله بجرعة خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تتناولها لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعل الجرعة حبة كاملة (عشرة مليجرام) يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.
الجرعة الكلية للسبرالكس هي عشرين مليجراما يوميا، لكنك لا تحتاج لهذه الجرعة أبدا، والدواء سليم، وفاعل، وغير إدماني أبدا. ربما يفتح شهيتك قليلا نحو الطعام، فإن حدث شيء من هذا، أرجو أن تتخذ التحوطات اللازمة حتى لا يزيد وزنك.
نشكرك كثيرا – أخي الكريم – على الثقة في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية والتوفيق والسداد.