السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، السلام عليكم، أثابكم الله على عملكم وزادكم علما ومعرفة وإيمان.
أريد مساعدة منكم، فإني عراقية في الغربة وليس لدي شيء أفعله إلى درجة أنه أصبح لدي يأس من الحياة، فأنا لا أريد أن أعيش، ولا أعرف ماذا أفعل. فمن صغري لا أحب الاجتماع مع الناس والخوض في الكلام عن الناس والنميمة، حتى هذا الشيء جعل بيني وبين أهلي حاجزا، ولكني أحب الصداقة وأهلي ضد هذا الشيء، وأحب عمل الخير والعمل بالجمعيات الخيرية، لكن أهلي أيضا ضد هذا الشيء أي ضد عمل الفتاة في أي مجال، ولا أريد الزواج؛ لأني أراه يبعدني عن الله، وأنا أحب الله حبا لا أعرف أن أصفه بحيث أحس أنه في قلبي وروحي، ولا أريد أي شيء يشغلني عنه، ولكن أريد أن أتقرب إليه أكثر، ولا أعرف كيف؟ وأهلي لا يسمحون لي بدخول دورة تحفيظ القرآن، ولا يشجعونني على أي شيء، يعني عندهم البنت لا شيء، فأرجو أن تساعدوني وأعانكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله العظيم أن يجعلنا جميعا ممن إذا أعطي شكر وإذا ابتلي صبر وإذا أذنب استغفر، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.
فهنيئا لمن امتلأ قلبها يحب الله، وإذا أحب الإنسان شيئا أكثر من ذكره، وإذا أحبت المسلمة ربها اتبعت أوامره وأطاعت رسوله، وحرصت على ما يرضيه، قال سبحانه: ((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم))[آل عمران:31] ولا أظن أن أحدا يستطيع أن يمنعك من السجود لله، واعلمي أنك لن تسجدي لله سجدة إلا رفعك بها عنده درجة، فاشغلي أوقاتك بذكر الله وطاعته، وما أكثر أبواب الخير التي دلينا عليها هذا الإسلام العظيم، فإذا سدت عليك أبواب فافتحي غيرها، واعلمي أنك لن تزالي بخير ما نويت الخير وعملت الخير.
وإذا استطعت أن تكوني مع الأهل لتنصحي المخطئ وتحتملي ما يأتيك، فذلك أفضل من العزلة؛ فإن المؤمنة التي تخالط الناس وتصبر على أذاهم خير من المؤمنة التي لا تخالط ولا تصبر، ولا أظن أن كل مجالسهم معصية، فلابد أن يتخللها شيء من الكلام المباح أو الدعوة للصلاح، وهنا تكمن فرصة أهل الخير في التوجيه والتذكير بالفلاح.
ورغم أننا لا نؤيد الأهل في القيود التي وضعوها لكننا نذكرك بأن ما فعلوه يدل على شدة محافظتهم عليك، فأنت جوهرة، والجوهرة الغالية لابد أن يتشدد أهلها في صيانتها، فتذكري هذا المعنى والتمسي لأهلك المعاذير.
والإنسان بطبعه لا يستطيع أن يعيش وحده، ولكن النجاح في أن نحسن الاختيار لمن نتعامل معهم، فإذا وجدت الفتاة صالحات يذكرنها بالله إذا نسيت ويكن عونا لها على الطاعات إن ذكرت، فتلك سعادة الدنيا والآخرة، وقد قال عمر رضي الله عنه: (ما أعطي المسلم بعد الإسلام أفضل من صديق حسن) ولا يخفى على أمثالك أن المرأة لا ينبغي أن تصادق إلا بنات جنسها، ومن الضروري أن يكن في نفس عمرها، وأن تكون الصداقة على الإيمان والخير والطاعات وليس على المظاهر والأشكال، وأرجو أن تكون الصداقة تحت سمع وبصر الأهل، وإذا لم تتمكني من إقامة صداقات ناجحة فلا داعي لليأس من الحياة، فإن أهل الإيمان يشغلون أنفسهم بطاعة الرحمن، ويعلمون أن الواجبات والفضائل والمكارم التي جاءت بها الشريعة أكبر من الأوقات، فاستعيني بالله ولا تعجزي، وأكثري من اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه، واستقبلي الحياة بروح جديدة، وعمري أوقاتك بذكر الله لتفوزي بالسعادة والطمأنينة، وانظري للحياة بنظارات بيضاء، واضحكي لتبتسم لك الأيام ويسعد بحالك الوالدين والأرحام.
والله الموفق.