السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كنت أتعامل مع مشاكلي النفسية بطرق عديدة، منها التأمل والتخيل، وتغيير الروتين لخلق جوانب وشخصيات متعددة في داخلي. هذا التفكير هو ما واجهت به كل شيء حتى وقت معين، حيث ظهرت لدي أعراض جسدية.
صرت لا أشعر بخوف ولا قلق، وأيضا لا أشعر بثقة ولا شجاعة، أعاني من جمود في المشاعر والتفكير ورد الفعل، وحتى عند الكلام أشعر بثقل في فمي أو ارتخاء في أعصابي، لا أتأثر بالمنبهات نهائيا، ولا أشعر بالجهد الجسدي.
أشعر أني منفصل عن عقلي وقلبي، وكأني مخدر تماما. أجوع ولا أشعر بالشبع، وتغير تفكيري وطباعي وكل شيء، ولا أعتقد أن الأمر نفسي.
أشعر بصعوبة في الكلام، وضعف في النبض، وعدم يقظة، وعصبية، وعدم الإحساس بالأماكن، وافتقار إلى الكلمات، والصمت، وفقدان الخيال، وبطء في التفاعل مع أي شيء، وعدم القدرة على فعل أي شيء كالقراءة وغيرها.
إحساسي تجاه جميع الناس هو نفس الشعور، وأتعامل معهم بنفس الطريقة؛ كل ذلك تحت تأثير حالة مستمرة منذ 8 أشهر لا أستطيع وصفها.
أجريت رنينا مغناطيسيا وكانت النتيجة سليمة، فماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أنت وصفت حالتك بصورة جيدة جدا ومتقنة، وخلاصة الأمر أنك متجمد المشاعر، لديك حيادية كاملة في المشاعر، لا توجد أي استجابات إيجابية وجدانية، وهذه الحالات تحدث لبعض الناس، هنالك من يسميها باضطراب الأنية، وهنالك من يعتبرها نوعا من الاكتئاب النفسي، وأيضا البعض يضعها تحت متلازمة اضطراب الشخصية.
عموما أيا كانت هي، أنا أؤكد لك أنك الحمد لله مستبصر تماما، مدرك تماما لما بك، وهذا في حد ذاته يعتبر نوعا من المشاعر الإيجابية، أن أشعر كأني لا أشعر جيدا؛ هذا إدراك في حد ذاته، وهذا أمر جيد، من خلاله يستطيع الإنسان أن يدخل على نفسه المشاعر الجميلة، الأفكار الجميلة، الأفكار الطيبة، يقوم بالأفعال الجميلة، وهذا حقيقة يؤدي إلى تغيير المشاعر؛ لأن السعادة يمكن أن تصنع، الشعور الجميل يمكن أن يصنع، الفعل الجميل يمكن أن يقوم به الإنسان، وهذه هي التي تؤدي إلى تغيير الأفكار والمشاعر والأفعال، وهذه الثلاثة تمثل المثلث السلوكي النفسي، يعني: يجب أن نسعى دائما أن نكون إيجابيين في تفكيرنا، وفي مشاعرنا، وفي أفعالنا.
فيا أخي الكريم: لا تقبل هذه المشاعر أبدا، ولا تكن متيقظا لدرجة عالية فيما يتعلق بمراقبة مشاعرك، هذا ليس أمرا جيدا، وركز على أشياء تفيدك، ركز على دراستك، احرص على النوم الليلي المبكر؛ لأن ذلك يحسن التركيز كثيرا، الإنسان حين يستيقظ ويصلي الفجر، وبعد ذلك يدرس لمدة ساعة قبل أن يذهب إلى المرفق الدراسي، هذه بداية عظيمة جدا، والشعور الإيجابي يتولد من مثل هذه الأفعال؛ لأن الإنسان كثيرا ما يحتاج لما نسميه بالمردود الداخلي الإيجابي، لتستيقظ مشاعره.
أيها الفاضل الكريم: وجد أيضا أن الانخراط في الأعمال الخيرية يحسن المشاعر، أن يمسح الإنسان على رأس اليتيم أيضا يحسن المشاعر، الصدقة حتى وإن كانت بسيطة تحسن المشاعر، الالتزام بالواجبات الاجتماعية: ألا يتخلف الإنسان عن أي مناسبة (الأفراح، الأتراح، زيارة المرضى، حضور مناسبات الأعراس مثلا)، هذه كلها إضافات إيجابية، وكذلك الرياضة؛ لأن الرياضة تحرك المواد الكيميائية الدماغية الإيجابية مثل الـ (أوكسيتوسين Oxytocin) والذي يسمى بـ (هرمون السعادة)، أو مثل الـ (سيروتونين Serotonin) أو مثل الـ (ميلاتونين Melatonin)، أو الـ (نورأدرينالين Noradrenaline). فإذا يجب أن يكون هناك التزام قاطع من جانبك بممارسة الرياضة.
بعض الناس من المختصين الزملاء الأعزاء في مثل حالتك هذه قد يصفون أدوية محسنة للمزاج مثل عقار (بروزاك - Prozac) مثلا، أو عقار (فالدوكسان Valdoxan) والذي يسمى (أغوميلاتين Agomelatine) لكن في هذه المرحلة لا أراك في حاجة لعلاج دوائي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد