كيف أعيش حياة سعيدة في بيت مزدحم؟

0 35

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا بنت عزباء، وبعمر 26 سنة، أعيش في بيت مزدحم، أحمد الله على نعمة العائلة، لدي إخوان وأخوات كثير، وأبناء أخواتي ما شاء الله، وأنا أصغر أخواتي، ولكن كثرة الزحمة شتت علينا عقولنا، لا نهتم ببعضنا إلا في مواقف تحتاج العائلة.

أجد الصعوبة في العيش مع أخواتي، هن كريهات معي، أحاول أن أعاملهن بطريقة مهذبة، ولكن دون جدوى، أشعر بالاكتئاب من شتمهم لي، ولسانهم السليط علي، ويحبون لبعضهم أكثر مني، أشعر بالحزن الشديد؛ لأني منذ صغري لا أجد الاهتمام من أبي وأمي وإخواني وأخواتي باستثناء أختي الكبيرة حفظها الله.

أحب الهروب من بيتي، ولكن أخاف على سمعة أهلي، أحاول بقدر المستطاع أن أخرج من بيتي لكي أهرب من هذا الكره العائلي، وأجد صعوبة في الخروج من البيت؛ لأني لا أجد من يخرجني فقد وصلت المنتهى، تعبت قربت للثلاثين وأنا ما زلت على هذا الكره العائلي.

التحقت بتحفيظ القرآن لكي أنشغل، ولكن لا زال أخواتي يجرحونني بكلامهم إذا أخطأت بشيء بسيط يشتمونني بالقرآن، يقولون هذه التي تحفظ القرآن تعمل كذا، ومن هذا الكلام، والإنسان ليس معصوما عن الخطأ، أحاول بقدر المستطاع أن لا أجلس معهم لكي لا أحد يجرحني.

غير ذلك لم يخطبني أحد إلى الآن، أشعر بالحزن الشديد، أسأل الله أن يفرج همي وهم المهمومين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Salma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا وسهلا بك.
لا شك أن وجود عدد من الإخوة يعتبر من الأمور الطيبة التي تترك في الأغلب أثرا نفسيا جيدا على الإخوة، ولا تشعرهم بالوحدة، وتمدهم بالدفء العائلي، ويمكن أن تكون هناك يعض الخلافات بين الإخوة، وليس بالضرورة أن يكون الإخوة أصدقاء حتى إذا كانوا في المرحلة العمرية نفسها، لاختلاف الشخصيات والميول ولكن الحقيقة أنه على الرغم من الإيجابيات الكثيرة للعلاقة الأخوية، إلا أن هناك بعض السلبيات التي ربما تتسبب في آثار نفسية سلبية، بل ومدمرة على بعض الإخوة، خصوصا التي تكون مصحوبة بانتهاكات نفسية، والتي من الممكن أن تكون مقصودة أو غير مقصودة من قبل البعض أو محاولة السيطرة من طرف على آخر وإخضاعه للرضوخ المذل.

جميعنا في الحياة تعترضنا محن ومصائب شتى، ولكن يختلف الأشخاص عن بعضهم في سبل تعاطيهم معها، فهناك من يصبر وهناك من ييأس ويقنط، ويستسلم لآلام النفس.

اعلمي أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وإلا ما آتاها.. فلا تجعلي حياتك كلها وسعادتك وقفا على الآخرين، ولكن اتركي لنفسك مساحة تقومين فيها بما تحبين من نشاطات تسعدك بما تسمح لك به الظروف.

لذا:
أنصحك أن تشغلي نفسك بأمورك الخاصة واستمتعي بوقت خاص لك مع صديقات صالحات، ولا تنسي أن تدعي لأخواتك أن يصلح حالهن وينور بصيرتهن، واعلمي أن كل ما تقومين به معهن يقع في ميزان حسناتك، فعند الله لا تضيع الأجور.

ما المانع من أن تطوري نفسك وتثقفيها، فالعلم لا يتوقف عند عمر معين، واشغلي نفسك بمستقبلك، وكل هذا يكون بالتوكل على الله جل وعلا، والتزامك بالطاعات من صلاة وصوم، وأكثري من الاستغفار والدعاء أن يفرج الله عليك، وأن يرزقك بالزوج الصالح.

حافظي على محبة أختك الكبيرة لك، وتقربي منها وتحدثي معها واشكي لها معاملة إخوانك واطلبي منها أن تصلح العلاقة بينك وبين أخواتك.

اجلسي مع والدتك جلسة مصارحة، وابدئي بالكلمة الطيبة وبالعبارات التي ترضيها عنك، وأخبريها أنك بحاجة إلى وجودها، واحرصي على برها، وقومي بتقبيل يدها ورأسها كل يوم، وساعديها في شؤون المنزل واحرصي أن تكوني بين يديها حين تكون في حاجتك.

كوني على مسافة واحدة من إخوتك وقريبة من مشاعرهم، وعادلة وموضوعية عن الخلاف، واحترام أسرارهم إذا ائتمنوك عليها، واصبري وصابري عليهم مهما تلفظوا من شتائم أو فعلوا أي شيء لم تعجبك، وادعي لهم بالهداية.

لك في قصة النبي يوسف مع إخوته المثل والقدوة الحسنة في التعامل مع الإخوة الذين جفوه وعادوه، فهو الذي لقي من إخوته -مع كثرتهم، في المقابل هو وحيد، وعمرهم في مقابل عمره- ما لقي من العداوة والكيد والظلم، فكانوا سببا في غربته عن الأهل والوطن وشقائه في طفولته البريئة وشبابه، وبعد تطاول السنون وتعاقبها جاءت الفرصة سانحة بين يديه وهو متمكن في منصبه الكبير على خزائن مصر، أن يأخذ حقه من إخوته الذين أصبحوا في تعب من أمرهم وضنك من العيش، ورغم كل ما حدث معه لم يكن النبي يوسف عليه السلام ذلك الانتهازي والانتقامي ليقابل السيئة بالسيئة.. فأرجو أن تأخذي العبرة من هذه القصة.

تذكري دوما قول الرحمن في كتابه الحكيم: ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون). صدق الله العظيم.

وفقك الله لما يحب ويرضاه غاليتي Salma.

يمكنك معاودة التواصل معنا إن احتجت لذلك.

مواد ذات صلة

الاستشارات