السؤال
السلام عليكم.
منذ أكثر من شهر عانيت من نوبة هلع بسبب المرض، أصبحت أخاف المرض، وأحس بوسواس أنني أعاني من مرض، أجريت جميع الفحوصات، جميعها سليمة، ولم أكن أعلم أن حالتي تسمي نوبة هلع حتى بحثت مطولا.
كنت لا أنام ولا آكل، أهملت زوجي وبناتي، لكن بعد خمسة أيام أعطتني قريبتي دواء، قالت إنه سيفيد هو باروكسيتين ديبريتبن 10 مغ، بدأت آخذ كل صباح حبة، في بداية الأمر أحسست بأعراض شديدة، لكن بعدها -الحمد لله- أصبحت أنام جيدا، وآكل، يعني تحسنت كثيرا، ولكن المشكلة الآن لما قصدت طبيبة نفسية، قالت توقفي عن الدواء، وأجرت لي حصة واحدة للعلاج السلوكي، وطلبت أن آتي بعد 20 يوما للحصة الثانية.
استفساري: الدواء أفادني كثيرا كي أتغلب على تلك الأعراض القوية لنوبة الهلع، ولكن لي الآن أكثر من شهر وأنا أستعمله ما زلت أحس بالغرابة كأنني فاقدة للشعور حتى في العمل، مع العلم أنني كنت نشيطة جدا، وكان عندي حماس لا يوصف، ورغبة كبيرة في العيش بسعادة مع زوجي وبناتي، -والحمد لله- علاقتي مع زوجي علاقة قوية يسودها الحب والتفاهم والثقة، ولكن الآن فقدت تلك المشاعر، أحس أنني آلة تعمل طوال اليوم، لا أبدع لا أفرح لا أحزن.
ساعدوني من فضلكم، ما هو الحل؟ وهل هذا مؤقت؟ يعني مع الوقت سأرجع كما كنت، وهل أستمر في أخذ الدواء؟ مع العلم أنني أرضع؟ لقد قطعت شوطا كبيرا للتغلب على نوبة الهلع، والحمد لله أصبحت لا أخاف، وأحس أنني قوية حتى وإن جاءت النوبة، تعلمت التغلب عليها بكل سهولة، ولكن مشكلتي الآن كيف سأتغلب على هذه الأحاسيس وأسترجع ذاتي وحبي وشغفي بالحياة كما كنت في السابق؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خديجة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
بالفعل نوبات الفزع والهلع بالرغم من أنها كثيرة ومنتشرة إلا أن بعض الناس الذين تصيبهم هذه الحالات تجدهم يتنقلون ما بين العيادات الطبية، ومعظمهم ينتهي عند أطباء القلب خوفا من أن يكون لديهم مرض في القلب؛ لأن نوبات الهلع تتميز بوجود تسارع كبير في ضربات القلب، والبعض يأتيهم شعور بقرب الموت.
الحمد لله تعالى قد أحسنت بالذهاب إلى الطبيبة النفسية، وأنت ذكرت أن الطبيبة قد أوقفت الزيروكسات، هذا أمر مستغرب قليلا، هي ربما تكون أخصائية نفسية، وليست طبيبة نفسية؛ لأن معظم الأخصائيين النفسانيين يفضلون العلاج السلوكي فقط، لكن نحن في الطب النفسي نقول للناس: تناولوا الدواء حسب الجرعة الموصوفة، وفي ذات الوقت تكون هنالك تطبيقات سلوكية مفيدة، وكذلك العلاجات الاجتماعية، والعلاجات الإسلامية.
الآن المشكلة الأساسية لديك هو هذا الذي يمكن أن نسميه بـ (الجمود الوجداني واختلال المشاعر والشعور بالتغرب)، أنا أعتقد أن هذا أمر -إن شاء الله تعالى- وقتي ومؤقت تماما، هذه المشاعر مشاعر عابرة تحدث لبعض الناس، فأرجو ألا تهتمي بها، أرجو أن تتجاهليها، وأن تكوني إيجابية التفكير، دائما فكري في ما هو طيب، وفي ما هو جميل، الأشياء الطيبة في حياتك، في أسرتك، وعيشي دائما على الأمل والرجاء، مارسي الرياضة، الرياضة مهمة جدا، التمارين الاسترخائية أيضا مهمة جدا، وعليك بالنوم الليلي المبكر، وتلاوة القرآن أيضا بتركيز تحسن كثيرا من مشاعر الإنسان، وتجعلها إيجابية، وكذلك تحسن التركيز، والإقبال على الحياة بصفة عامة.
إذا الوسائل العلاجية الرئيسية تكون على مستوى التفكير، وكيف تنقلي نفسك إلى تفكير إيجابي.
والأمر الآخر: أن تهتمي بالرياضة، تهتمي بحسن توزيع الوقت، تهتمي بصلاتك في وقتها، تلاوة القرآن، التواصل الاجتماعي، خاصة القيام بالواجبات الاجتماعية، الاهتمام ببيتك وأسرتك وزوجك وأولادك ... هذه كلها يجب أن تأخذ الحيز الرئيسي في آلياتك العلاجية لتوصلك إن شاء الله تعالى لمرحلة الشفاء.
أنا أؤيد تماما أن تستمري على الزيروكسات، وأحسب أن الجرعة التي أفادتك هي جرعة صغيرة، بدأت بعشرة مليجرام ثم انتقلت إلى عشرين مليجراما، وأنا أرى أن تستمري على هذه الجرعة على الأقل لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك اجعليها عشرة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم عشرة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم عشرة مليجرام مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.
هذا التدرج البطيء في التوقف عن الدواء مهم جدا؛ لأن الزيروكسات إذا توقف الإنسان عنه بسرعة وكان التوقف مفاجئا؛ هذا قد يؤدي إلى آثار انسحابية، يحس الإنسان من خلالها بأن لديه قلقا، وبعض التوترات، هذا -إن شاء الله- لن يحدث لك ما دمت سوف تتبعين المنهج الذي وصفناه لك، وهو المنهج العلمي الصحيح.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.