ينتابني شعور بالحزن على نفسي عند مشاهدة نجاح غيري، فهل أنا حسود؟

0 29

السؤال

السلام عليكم.

مشكلتي هي أنني وسط زملائي شخص قنوع بالعمل الذي أقوم به، ولكن إذا حصل لأحد زملائي ترقية أو تفوق أو تطور في حياته الاجتماعية أو العملية أشعر بالحزن والقلق أني لم أتطور، وأشعر بالوحدة أني سوف أظل في مكاني ولن أتطور.

أنا لا أقصد أني لا أتمنى لهم الخير، على العكس، فأي شخص يحتاج لمساعدتي فإني لا أتردد في المساعدة، ولكن لو سمعت أن شخصا تطور أو ترقى أبارك له وفي سري أدعو له و أقول "ما شاء لله تبارك الله"، وأكررها خوفا من أن أحسده، لما في ذلك من إلحاق الظلم بالآخرين.

أشعر بنوبة من الاكتئاب عندما يأتني هذا الشعور، ولكن بعد عدد من الأيام يزول، فهل أنا إنسان حاقد وسيء؟ وبماذا تنصحونني؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي العزيز:
علينا بداية أن نفرق بين المصطلحات التي استخدمتها في رسالتك لكي تتضح الأمور.

"الحقد" هو الغل الشديد ، وأما" الحسد" فهو تمنى زوال النعمة عن الغير، وأما "الغبطة" فهي أن يتمنى نيل وتحصيل مثل تلك النعمة. 

والغبطة مباحة بدون أن يتمنى زوالها عن غيره.

أما بالنسبة للحسد فهو مرض عضال، ومن أشد معاصي القلب، ومن أخلاق اليهود؛ كما قال الله تعالى عنهم: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله)
 
وروى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا.... وروى أبو داود في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب) فالحسد خبيث، ولكنه يبدأ بصاحبه يؤذي صاحبه قبل غيره.

فينبغي للمؤمن والمؤمنة أن يحذرا ذلك بسؤال الله العافية، فالمؤمن يتضرع إلى الله أن يزيل ذلك من قلبه حتى لا يبقى فيه شيء، ومتى أحسست بشيء فلتجاهد في كظمه وإبقائه في القلب من دون أذى للمحسود لا أذى فعلي ولا أذى قولي.

وأنصحك بالمداومة على ذكر الله عندما تعجب بشيء عند الناس، وقل باسم الله ما شاء ولا حول ولا قوة إلا بالله. وعود نفسك على "الرضا" بما قسمه الله لك، فبغير ذلك سوف تعاني من الضيق والحسرة على ما لدى الناس.

- أنصحك أن تركز في كيف تكون ناجحا، فهذا الحافز أفضل بكثير من التفكير بنجاحات الآخرين. وأحيانا وبالنسبة للأشخاص المميزين والذين لا يقبلون بأن يكونوا الأوائل في كل شيء هؤلاء تطغى لديهم مشاعر الحسد على حب المنافسة الشريفة، مما يحول العلاقات إلى مشاحنات بغيضة في مكان العمل ويصبح الجميع ينظر بعين السخط للآخر. والكل يضمر في نفسه الشر وسقوط الآخر.

- لا تنظر إلى ما عند الناس: {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم}. والرضا بما قسمه الله لك.

- أما أكثر ما يطهر القلب من الحسد؛ وينقي النفس من شوائب الحقد وكراهية الخير للغير؛ هو إدراك الإنسان لمعنى القاعدة القرآنية الجامعة: {إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير} [لقمان:16]. فإن أدرك العبد أن ربه وحده هو من يخفض و يرفع ويعطي ويمنع؛ وأن مطالبه مهما كانت بعيدة وصعبة المنال فلا يأتي بها إلا هو فعلى ماذا يحسد ولماذا يحقد؟! حينئذ -وحينئذ فقط- يكون الأمر مستويا عنده وتهون الدنيا في نظره ولا يعدل بسلامة صدره شيئا.

- وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق، والأعمال والأهواء رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني.

وكان من دعائه الشريف صلى الله عليه وسلم، أيضا: ( اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي، ومن شر بصري، ومن شر لساني، ومن شر قلبي، ومن شر منيي ) يعني فرجه . رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".

وفي دعاء آخر: ( اللهم إني أعوذ بك من الفقر، والقلة، والذلة، وأعوذ بك من أن أظلم، أو أظلم ) رواه أبو داود وصححه الألباني.

وفي الحديث الآخر: ( اللهم عالم الغيب والشهادة، فاطر السماوات والأرض - رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، وشر الشيطان وشركه ) رواه أحمد وصححه محققو المسند .

وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مواد ذات صلة

الاستشارات