السؤال
السلام عليكم.
متزوجة منذ 7 سنوات، ولدي بنتان، زوجي صعب، يحاسب على أتفه الأسباب، ودائما ينتقد تصرفاتي ولا يعجبه طبخي، ولا يعجبه حديثي، ويعتبره تافها، ولا يجلس معي، وإن جلس يطلب مني السكوت؛ لأنه مشغول بالمشاهدة، وإن تكلمت يخرج ويتركني بحجة أني أفتعل المشاكل، رغم أني أناقشه في الأمور التي تزعجني منه، لا يسمعني، يقول لي دائما أنني لست طبيعية، لا أنكر أنه يخرجني للتنزه كل أسبوع، ولكننا لا نتكلم في مشاكلنا، أخاف من ردة فعله خصوصا أن حماتي تكون معنا.
أحاول قدر المستطاع تنظيف المنزل كما يريد، وأحاول طبخ ما يحب، أخبرت أمه لعله يصلح، وهي حقيقة امرأة تخاف الله وتوصيه بي، يستمع لكلامها، ولكنه أصبح دائما ساكتا رغم أنه يحكي كل كبيرة وصغيرة لأمه، وليس بطبعه السكوت، يضحك مع الناس ومعي دائما عصبي، أتحمل كثيرا من أجل الثواب ثم أثور، وأخبره بكل ما أحسه فيهجرني أو أهجره، وبعدها أعود إليه وأنا أتوسل إليه.
بعدما يغضب ويثور، يرجع يكلمني، لا أسمع منه أي كلمة جميلة، حتى وإن تزينت، مما جعلني أهمل نفسي كليا، دائما أبكي وأنام من الحزن ثم أضطر للنهوض من أجل أطفالي، مما يجعلني شديدة العصبية، أضرب ابنتي الكبرى، ودائمة الصراخ، مما جعلها ترتعب مني وأسلط عليها نفس ضغوط زوجي لي، لماذا صنعت هذا؟ أنا لست طبيعية.
فكرت مرارا في الانفصال، وأخبرته بذلك، وأتراجع لعله يتغير، وأتذكر حب أطفاله الشديد له، كما أنه لا يقصر في قضاء مستلزمات المنزل فهل علي إثم؟ حيث كان صعبا مع أهله قبل الزواج، فهو دمرني نفسيا، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sarra حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك أجمل ترحيب.
غاليتي: ذكرت أنك متزوجة منذ سبع سنوات، وأن لديك بنتان، وأن زوجك من النوع الذي ينتقد ويحاسب على كل كبيرة وصغيرة، يتعصب لأتفه الأمور، فهذا النوع من الأزواج يحتاج المرأة الذكية التي تعرف متى تتكلم، ومتى يكون الصمت أفضل.
إن الزواج نعمة أنعم الله بها على البشرية، وآية من آياته في خلقه، حيث جعل المودة والرحمة أساس العلاقة الزوجية، والزوجة شريكة للزوج لها حقوق كما أوجب عليها واجبات من أجل أن تسير سفينة الحياة الزوجية، وتصل إلى شاطئ الأمان، والشعور بالسكينة والحنان والثقة، فقال لنا الرحمن في كتابه: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)، وفهم هذه الآية يساعد على تجاوز الكثير من المشاكل، وتنازل الزوجين لبعضهما عما يعكر صفوة الحياة.
وبالرغم مما وصفته من تصرفات زوجك التي تزعجك، إلا أن هناك الكثير من الإيجابيات غفلت عن ذكرها لنا خلال استشارتك، وبناء على ذلك -عزيزتي- أنصحك بما يلي من أجل إصلاح علاقتك بزوجك وشريك عمرك:
- بناتك بحاجة إلى أم قوية قادرة على العناية والاهتمام بهم وتلبية متطلباتهم، ورعايتهم، وتنشئتهم النشأة السليمة وزرع القيم والأخلاق في نفوسهم، ومتابعتهم دراسيا وحل مشاكلهم المختلفة، ومتابعتهم تربويا وصحيا وسلوكيا... "فبناتك لسن لفشة الخلق".
- انتبهي إلى نبرة صوتك، واحرصي على توفير جو الراحة في البيت، اعلمي أن الرجل يلجأ إلى الهروب من الحديث عندما يتعرض إلى نقد أو استهزاء لكلامه من قبل زوجته، فكوني له الزوجة التي تهتم برضاه، وابتعدي عن النقد، والتمسي الأعذار له، ولا تذكريه بأخطائه.
- لا تجعلي الحوار بينكما حوار الند للند؛ فالحوار بين الأزواج ليس مناظرة بين خصمين غالب ومغلوب، فلا تضخمي الأمور يا بنيتي؛ حتى لا تخسري زوجك.
- اكسبي ود واحترام والدة زوجك وتقربي منها بالكلمة الطيبة، وخاصة أنها تدافع عنك كما ذكرت، وقلت:" "وهي حقيقة امراة تخاف الله وتوصيه بي".
- ثقي أن زوجك لا يقصد أبدا اتهامك بالإهمال أو التقصير من ناحية الطهو أو ترتيب المنزل، ولكنه يريدك أن تعيريه اهتماما ورعاية عند عودته من العمل مرهقا ومتعبا؛ فالرجل ينزعج عندما تتجنبه الزوجة وتعطي الأولوية للتحدث عبر الجوال، أو استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها.
- احذري أن تقصري في حق زوجك، وأظهري احترامك وإعجابك به، وعظمي من مكانته في نفسك، وأشعريه أنك تنتظرين ساعة قدومه إلى المنزل؛ لتشعري بالأمان، ولا تجعلي من وسوسة الشيطان تعبث في نفسك، وتنكد عليك حياتك، وتفسد المودة والرحمة بينكما.
- هل زوجك مقصر معك في النفقة والمعاشرة الزوجية؟ وإذا كان الجواب: كلا، فأرجو منك -بنيتي- أن تعيدي حسابتك، وأن تسألي نفسك إذا كنت أنت بحاجة إلى بعض التنازل والتغيير من أجل الحفاظ على زوجك.
- ليس عيبا أن نبدأ بالعمل على تغيير أنفسنا: نصيحتي لك: أن تثقفي نفسك، واقرئي بعض الكتب في العلاقات الزوجية، وما هي المشاكل التي تحصل، واقرئي عن أنماط الشخصية؛ مما يساعدك على تحديد شخصية زوجك مما يسهل عليك معرفة الطريقة المثلى في التعامل معه، وهذا يخفف من حدة التوتر بينكما، وثقي بقدراتك، وسترين النتيجة في معاملة زوجك لك.
- حاولي عدم استخدام الوتس أب خلال تواجد زوجك في المنزل، وإذا أمكن وضع الجوال صامتا لبضع ساعات؛ فبهذا تكسبين احترام ومحبة زوجك.
- اجلسي جلسة مصارحة مع زوجك، وأخبريه أن رضاه يهمك، وأنك منزعجة بسبب انتقاده لك، وأنك "لا تطبخين وتهملين المنزل"، وأخبريه بأسلوب حنون ولطيف أنك تتمنين أن تكون حياتكما الزوجية نموذجا مثاليا أمام الناس.
- اهتمي بنفسك كما كنت تهتمين في بداية حياتك الزوجية، وأرجعي الذكريات الجميلة، وانظري إلى زوجك بنفس النظرة الأولى حين اختارك ووافقت عليه شريكا وفارس أحلامك.
- غيري من ديكور المنزل وخاصة غرفة نومك، واجعلي لكما مكانا مميزا لتناول فنجان القهوة أو ما تحبونه، وزيني بيتك بالشموع والورود لإضفاء السكينة بينكما.
والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، والله -عز وجل- يقول: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء، وكل ما عليك فعله أن تكوني ملتزمة بالصلاة أمامه هذا أولا، وثانيا: أن تختاري الوقت المناسب وتتحدثي معه عن أهمية أداء الصلاة، وعقاب تاركها، وبإمكانك أن تذكري له عقاب تارك الصلاة وجزاؤه في الدنيا والآخرة.
إن أعظم ذكر هو كتاب الله؛ فالزمي تلاوته، واذكري الله كثيرا؛ لتبتعد عن بيتك الشياطين، ولتحميه الملائكة، وليذكركم الملكوت الأعلى وتنزل عليكم السكينة والمودة.
أسأل الله أن تكوني أنت وزوجك في روضة من رياض الجنة.