السؤال
السلام عليكم.
كنت أعاني من نوبات الهلع لمدة شهرين، وهذا ما جعلني أحس بالموت في كل لحظة، مما أدى إلى إصابتي بالوسواس والتفكير بالموت طوال الوقت، والتفكير الزائد أصابني بسوء الهضم، وفقدان الشهية وكره كل شيء، ثم تحول إلى وسواس الأمراض، فكلما شعرت بألم ظننت أنه السرطان.
وفي هذه الأيام الأخيرة مرضت خالتي بمرض السرطان، وكنت أذهب معها للطبيب، بعدها ماتت وبدأ وسواس الموت بكثرة، وأقول أنام ولن أستيقظ، ألاحظ أن كل شيء متطابق، عائلتي يتكلمون عن الموت بكثرة، ولا أنام من كثرة التفكير، ألاحظ الموت في كل مكان، أدخل لمجموعة التواصل الاجتماعي يظهر لي فلانا مات صغيرا، وتظهر لي منشورات عن الموت، وفي التلفاز كذلك، وهذه الأيام أحس بوخزات في قلبي فأقول: سوف أموت بسكتة قلبية.
وبالأمس حلمت حلما مرعبا وهو أنني مريضة جدا، ورأيت خالتي المتوفية جالسة، وقالت لي: أنت ضيفة الله، بعدها استيقظت وأنا مرعوبة، ودائما أفكر في الموت، حتى لو خرجت مع أصدقائي لا أستمتع، بل أفكر في الموت فقط.
سؤالي: هل هذا وسواس أم إندار من عند الله؟ أريد التفسير، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نزهة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنت لديك قلق مخاوف وسواسي متمركز حول الموت، وهذه حالة نفسية معروفة، تعالج من خلال إدراك الحقيقة الأبدية للموت، وهو أن الموت لا مفر ولا مهرب منه، والخوف منه لا يقدم ولا يؤخر منه في شيء، {قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم}، و{إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر}، وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد خوطب بقوله تعالى: {إنك ميت وإنهم ميتون}، وقال له: {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون * كل نفس ذائقة الموت}.
فالموت هو الوعد الحق الذي يجب أن يقتنع المسلم به، وأن يستعد له، وهذا نوع من الخوف المحمود، حيث إن الإنسان سوف يلتزم بعباداته، لا يكون متلبسا بالآثام والذنوب ويأتيه الموت، وفي ذات الوقت يعيش حياته بقوة وبأمل وبفرحة وبسعادة، يكون منتجا، يكون نافعا لنفسه ولغيره، وهذا هو المنهج الصحيح حول هذه المخاوف والوساوس.
أما المنهج المرضي وهو أن الإنسان يتكلم عن الموت ويكون حقيقة حياته غير مرتبة وغير منظمة، يقرأ عن الموت من مصادر لا أساس لها، يسمع بعض الأقاويل الباطلة أن الإنسان يحس بموته قبل أربعين يوما، أن هنالك إنذار من عند الله ... هذه كلها أمور حقيقة ليست صحيحة أيتها الفاضلة الكريمة.
عيشي حياتك بأمان، باطمئنان، بقوة، والإنسان يعمل لما بعد الموت، واسألي الله تعالى أن يطيل عمرك في عمل الصالحات، وتسأليه حسن الخاتمة، وعليك أيضا أن تعيشي حياة صحية، لأن سنن الكون تقول هكذا أننا يجب أن نأخذ بالسببية. عيشي حياة صحية صحيحة، نظمي طعامك، تجنبي السهر، مارسي رياضة، احرصي على عباداتك، كوني بارة بوالديك، اجتهدي في دراستك، رفهي عن نفسك بما هو طيب وجميل، يجب أن تكون لك آمال وطموحات ومشاريع مستقبلية تعملي من أجل تحقيقها. هذه هي الحياة الصحيحة.
ممارسة الرياضة يجب أن تكون جزءا من حياتك. حسن إدارة الوقت مهمة جدا، لأن الفراغ يؤدي كثيرا إلى الوساوس وإلى المخاوف وإلى التوترات من هذا النوع.
وسيكون أيضا من المفيد أن تتناولي أحد مضادات قلق المخاوف الوسواسي، وعقار (سبرالكس) الذي يسمى علميا (استالوبرام) من الأدوية الممتازة، حيث إنه فاعل، وسليم، وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية.
وإن أردت أن تذهبي إلى طبيب نفسي؛ هذا أيضا سيكون مفيدا جدا بالنسبة لك، ويمكن أن أحدثك عن تفاصيل تناول السبرالكس، فهو آمن، وفي معظم الدول يعطى دون وصفة طبية. تبدئي بجرعة خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تتناولينها لمدة عشرة أيام، ثم تجعليها حبة واحدة (عشرة مليجرام) يوميا لمدة شهر، ثم تجعليها عشرين مليجراما يوميا لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام يوميا لمدة شهرين آخرين، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.
فأرجو أن تأخذي بكل التطبيقات الإرشادية التي ذكرتها لك، وقطعا تناول الدواء بالجرعة والمدة التي وصفناها سيكون مفيدا جدا بالنسبة لك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.