السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
أولا: أسأل الله العلي القدير أن يجزيكم عنا خير الجزاء.
في الحقيقة السؤال يشبه سؤال أحد الأخوة اطلعت عليه وقرأته، ولكن الفرق بيني وبين الأخ: أن ما أشعر به من ظلم ليس من مسئول في العمل، ولكن في غالبية المجتمع أو كله، وخصوصا أني أقمت فترة تزيد عن 23 سنة في إحدى الدول العربية، وبعد رجوعي إلى البلد وجدت اختلافات كثيرة، وحتى الآن وبعد مضي 5 سنوات والحال يزداد سوءا يوما بعد يوم، والكل يخاطبك: تكيف مع الجو! والمطلوب منك أن تتنازل عن كل ما جنيته وتمسكت به، وحتى الآن لا أعرف كيف المخرج من هذا الحال ولله المستعان.
فهل من المفترض على الإنسان أن يتعامل مع الناس بأي تعامل حتى ولو كان يتنافى مع الأمور الشرعية؟ على سبيل المثال: إذ وعد أخلف، فليس من المهم الميعاد أو التقيد، وكذلك في التجارة عدم إيفاء الكيل والميزان، وأشياء كثيرة، وتكون المخاطبة عندئذ امش مع الجو! وتكيف مع الناس! وهذا شأنهم، علما بأني من داخلي غير مقتنع، وهذا ما أعاني منه، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد فخر الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أخي الكريم! نسأل الله العظيم أن يثبتك، وأن يوفقك لما فيه الخير والنفع، وأن يعيننا وإياك على الصبر والطاعة.
لا شك أن الفترة التي قضيتها خارج البلاد طويلة، وأرجو أن تكون تجربة مفيدة، وفي الأسفار فوائد وعلوم لا يجدها الإنسان في بطون الكتب ولا في قاعات الدراسة، فأرجو أن تظهر هذه الفوائد والآثار الحميدة، ولتكون عونا لك على تجاوز الجوانب السلبية، وتذكر أن طاعة الله أعلى وأغلى.
وأحذرك من طلب الرزق عن طريق الكذب والتطفيف والحلف؛ فإن هذا لا يرضاه الله، وكل هذه المخالفات لها عواقبها الوخيمة على الإنسان في الدنيا والآخرة، والطعام هو بذرة الفعال، فاللقمة الحلال تعين على الطاعة، وللحرام شؤمه، وكل جسم نبت من سحت فالنار أولى به، ولا يجوز للإنسان أن يجعل الخلف بالوعد والكذب دينا، فأد الأمانة لمن ائتمنك، ولا تخن من خانك، واعلم أن الإنسان لا ينال إلا ما كتب له، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، وعلينا أن نتقي الله، ونعتدل في طلب الرزق بأخذ الحلال وترك الحرام، والإنسان يتعجل فيأخذ الرزق عن طريق الحرام، فيكون قد زاد من ذنوبه وسيئاته، ولن يستطيع أن يزيد في الرزق، والحرام ممحوق البركة، (من غشنا فليس منا)، والحلف في البيع منفق للسلعة ممحق للبركة والعياذ بالله.
وتوجه إلى الله، واحرص على ما ينفعك، واجتهد في أن تغرس شجرة الصدق واليقين في قلبك وبيتك، واجعل الأمانة عنوان لتعاملك وسيرك على طريق الخير ولو كنت وحدك، ولا تخدعنك كثرة الهالكين، ولكن مداراة الناس وملاطفتهم مطلوبة؛ حتى تستطيع أن تصلح من أحوالهم، واصبر على الأذى، وابحث عن الأخيار، والتزم الحذر، وبالله التوفيق.