السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة تقدم لي الكثير لخطبتي -بفضل الله-، لكن لم أكن على توافق مع غالبيتهم، ووقت أتفق مع أحدهم يحدث قدر خارج عن إرادتي وإرادتهم فينتهي الأمر.
للأسف كثرة الخطاب أبانت لي تباين طبائع الرجال وعمق أفهامهم، ورفعت لي سقف طموحي في اختيار الزوج.
تقدم لخطبتي رجل على خلق ودين وحالة اجتماعية جيدة، لكن يغلب على طبعه السطحية في المعاملات الاجتماعية والحوارات والحياء الشديد، وربما قلة الثقة في النفس, وبسبب تربيته المتدينة والمنغلقة لا يعلم شيئا عن التعامل مع الإناث - أنا أيضا من بيئة متدينة جدا لكن تربينا على المعرفة والاطلاع والانفتاح المنضبط-.
لكثرة سكوته لم أستطع فهمه بشكل يقيني، ولشيء ما لا أعرفه في نفسي لم أجد تآلفا نفسيا معه، ربما لأني لم أر منه عمقا في التفكير، أو حماسة شخصية منه لي، مع أنه مستعجل على خطوة " كتب الكتاب" لكني أشعر أنه مستعجل ليحقق الزواج كدورة طبيعة للبيئة، وليس بهدف إنشاء أسرة تتكامل فيها الحاجة الطبيعية والنفسية مع الدينية والتربوية، وأنه بحاجة إلى فهمي أولا وأنا بحاجة إلى فهمه، هكذا الظن وأحاول ما استطعت التأكد من ذلك، لكنه كثير السكوت قليل التفاعل.
خائفة جدا من عدم التآلف النفسي، خصوصا أني قد تآلفت نفسيا مع العديد قبله من أول جلسة للرؤية الشرعية، تآلفا نسبيا وليس حبا.
هل عدم التآلف النفسي وعدم الكره في نفس الوقت، بالرغم من أن مدة الخطوبة 8 شهور تتخللها مكالمات أسبوعية سبب كاف للتراجع، أم أنه من الممكن أن تتغير المشاعر بعد الزواج؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة-، ونشكر لك حسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يقدر لك الخير، وأن يصلح الأحوال، وأن يكتب لك السعادة، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.
نحن لا ننصح أولا بكثرة رد الخطاب، ولا ننصح بالتفريط في الشاب المذكور، صاحب الخلق والدين، والحالة الاجتماعية الجيدة، وأرجو أن تعلمي أن النقص يطاردنا كبشر، فلن تجد المرأة رجلا بلا عيوب، ولن يجد الرجل امرأة بلا نقائص، ولكن طوبى لمن تنغمر سيئاته القليلة في بحور حسناته الكثيرة.
عليه: نحن ننصحك بإكمال المشوار مع الشاب المذكور، ونعتقد أن الصورة التي أشرت إليها من الممكن أن تتحسن وأن تتغير، وذلك واضح من خلال حرصه على الانتقال للخطوة التي بعدها، فإذا كان شابا متدينا فإنه سيأخذ راحته ويتحسن بعد الانتقال للخطوة التي بعدها، التي هي كتب الكتاب، لأنك ستصبحين بالنسبة له زوجة، وعندها سيسهل عليك وعليه التفاهم.
أرجو أن تعلمي أن المرأة أيضا تترك بصمات على الرجل، كما أن الرجل يمكن أن يؤثر على زوجته، والشريعة تبني على الدين وتبني على الأخلاق، فإذا وجد الدين والخلق فإن كل أمر بعد ذلك غير مرضي يمكن أن يعالج، فكل عيب فإن الدين يستره، وما لكسر قناة الدين جبران.
إذا الأصل متوفر – أي الدين والخلق – وأيضا نحن نخاف من تكرار الرفض من قبلك لمن يتقدم إليك، واعلمي أن النقص – كما قلنا – موجود في الناس جميعا، من الذي ما ساء قط، ومن له الحسنى فقط؟ ولذلك لا بد أن نكون واقعيين في اختياراتنا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يحقق لك الوفاق الذي تنشدينه.
نؤكد أن التوافق التام يحتاج إلى وقت، بل الوقت أساس في تحقيق هذا، فالحياة الزوجية تبدأ بالتعارف، ثم بالتنازلات، ثم بالتعايش، ثم بالتأقلم، ليكون الملتقى في منتصف الطريق، ثم بالتعاون، ثم بالتوافق، وصولا للتآلف، يعني: هي درجات، ولكنها تبنى على بعضها.
لذلك أرجو ألا تستعجلي الحكم على الشاب بالطريقة المذكورة، ونحن نميل إلى إكمال المشوار مع الشاب المذكور، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.