السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كم أتمنى من الله عز وجل، أن يجعلكم سببا في تغير حالتي إلى الأفضل.
أنا أشعر بحالة من الضيق والهم والخوف، وأحاول قدر الإمكان التقرب إلى الله عز وجل، بقراءة القرآن والصلاة، وأحاول أن أرضي والدي قدر الإمكان، ولكن أحيانا أشعر بضيق شديد، فأذهب لقراءة القرآن، لمدة لا تتجاوز الساعة، ولكن عندما يراني أبي يقول لي الحديث عن الشخص الذي اعتكف في المسجد، والآخر الذي كان يعمل فقال الله يحب الذي يعمل، لأنه يسعى، ويقول لي اقرئي في وقت آخر، ولكن لا أجد وقتا، لأنه يسهر لوقت متأخر، وحتى إن ذهبنا في رحلة لمدة ساعات للترفيه.
وعندما أقول له أريد أن أصلي قبل السفر، فلنأخر ساعة، لأنني لا أجد مكانا أصلي فيه عند السفر لمدينة أخرى، يغضب علي، ويقول الحياة لن تستمر إذا كان الكل سيفكر مثلك، ولن يعمل أحد، وستنتهي أعمال الناس، وإن طريقة تفكيري غريبة، حتى عندما كنا في الخارج في نفس المدينة، وأردت الذهاب للبيت لأصلي قبل ذهاب الوقت غضب، وشتمني وبكيت وقتها بكاء شديدا.
وحاولت قبل ذلك أن أشرح كثيرا له، ولكنه لا يتقبل كلامي، ولا حتى كلام أمي فأصبحت أبكي في غرفتي كثيرا وأصبحت أخاف من أن يراني أقرأ القرآن، أو أستغفر، وأحاول أن أفعل كل هذا من دون أن يراني، ولكنني تعبت من كل هذا حتى أنني أشعر بالغربة في البيت خاصة إن إخوتي مثل أبي أيضا لا يفكرون في الصلاة، وإذا خرجوا تأخروا في الخارج، أنا فقط لا أعلم ماذا أفعل دلوني على الحل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Basma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك بنتنا الفاضلة في الموقع، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يثبتك، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونؤكد لك أن حالك سيتحسن، وأنت على خير، فأكثري من اللجوء إلى الله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يجعلنا أيضا سببا لمن اهتدى، وأن ييسر الهدى علينا جميعا.
إذا كنت ولله الحمد مصلية وصائمة وتتلين القرآن وبارة بوالديك فأبشري بالخير، وأرجو أيضا أن تعلمي أن العبادة لله تبارك وتعالى، ومن لطف الله وكرمه أنها ليس لها شكلا واحدا، وأن الإنسان يستطيع أن يستغفر وهو يمضي في الطريق، ويستطيع أن يستغفر وهو يعمل، ويستطيع أن يذكر الله تبارك وتعالى، والذكر هو أعظم العبادات وهو أيسرها، قيل لابن عباس: (أي العمل أفضل؟) قال: (ذكر الله أكبر). قيل لسليمان: (أي العمل أفضل؟) قال: (أما تقرؤوا القرآن: ولذكر الله أكبر).
إذا كان الوالد لا يريدك أن تقرئي قرآنا وتتأخري عليه في الخروج أو في الدخول أو تصلي نوافل، فاعلمي أن الثمرة من النوافل ومن الصلوات ومن الطاعات هي أن يذكر ربنا فلا ينسى، أن يطاع ربنا فلا يعصى، أن يشكر ربنا فلا يكفر.
ولذلك أرجو أن تجمعي إلى بر الوالدين وطاعتهم الإكثار من الطاعات التي هي الأذكار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والاستغفار، والتهليل، والتسبيح، والتحميد، والدعاء، وهذه أمور تستطيعي أن تقومي بها في أي مكان على وجه هذه الأرض.
لذلك أرجو ألا تقفي عند طاعة واحدة وتصري عليها، ثم إذا منعك الوالد فلماذا البكاء؟ فطاعتك للوالد أيضا أحسن من النوافل، لكن ليست أحسن من الفرائض، ففي الفرائض ينبغي أن يجتهد الإنسان في أداء الصلوات الخمس، لكن بعد ذلك بر الوالدين من الواجبات، وهو يعلو على نوافل العبادات.
فالذي نرجوه منك أن تهوني على نفسك، أن تتكيفي حسب ظروف العائلة، أن تكوني ناصحة لإخوانك إذا قصروا في الصلاة أو أخروا الفريضة، أن تنفردي بهم واحدا بعد الآخر، فإن لم تستطيعي التغيير فأنت تملكين تغيير نفسك، وتؤجري على هذا الحرص. وإذا كنت في مكان ورفضوا أن يعودوا للصلاة فأجرك ثابت، الله يقول: {فاتقوا الله ما استطعتم}، فإن لم يرجعوا ولم تجدي مكانا مناسبا للصلاة؛ فإذا رجعت فأد ما عليك، نحن نقول: إن كان من وزر فلن يكون عليك.
ولذلك أرجو ألا تحملي نفسك ما لا تطيق، واجتهدي في شغل نفسك بطاعة الله تبارك وتعالى، وتفقهي في أبواب الخير، وهي كثيرة وعظيمة جدا، واحرصي دائما على أن تكون لك طاعات بينك وبين الله تبارك وتعالى، وأكثري من الدعاء في أوقات الإجابة، ونسأل الله لنا ولك الهداية والثبات.