السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
وفقكم الله تعالى دائما إلى ما هو خير لكل مسلم ولأمة المسلمين جميعا، ولكم جزيل الشكر والعرفان دائما على جهودكم الرائعة في هذه الشبكة.
سوف أعرض لكم سؤالي الذي أتعبني كثيرا والله يعلم كم تعبت نفسيتي من ذلك وأرجو منكم مساعدتي ورأيكم الديني في ذلك.
خطبت قبل فترة لشاب يكبرني بخمس سنوات محترم متعلم وخلوق والحق يقال، وفي حقيقة الأمر لم أكن مقتنعة به وبشكله، وهذا كان له دور في نفوري منه، أنا أعلم أن الشاب نختاره لأخلاقه ولكن لا أدري، لم أتقبله كثيرا وديننا العظيم أعطانا الحق في ذلك ولكن وافقت إرضاء لوالدي وقلت: أبي أعلم بمصلحتي والمناسب لي.
تمت الخطوبة ولكن دون أن ينعقد العقد فقد كنت أصطنع الحجج لتأجيله!! وللأسف بقيت كما أنا لم أتقبله وكنت أغضب عندما أعلم أنه قادم لزيارتي وبوجود أسرتي طبعا، وبصراحة كنت أتعامل معه بنفور وكان يحزن كثيرا لذلك ويشكو لأمي عن أسلوبي وأخبرته أكثر من مرة أني لا أحبه وألمح له بفسخ الخطوبة، أنا لا أنكر أسلوبي كان معه فظا وقد أكون جرحت مشاعره من كلامي معه، ولكن لا أدري، كنت غير سعيدة به، وكنت أريد أن ينفر مني ويبتعد.
بعد فترة من الخطبة حصل خلاف على المسكن فقد اتفقنا على شيء وغير في كلامه مما اتفقنا عليه المهم بعد هذه الخلافات، بعثت له أن لا نصيب بيننا وبالتوفيق، فعليا لم يهمني موضوع المسكن، فالله الرزاق ولكن وجدتها فرصة لأفسخ، وحاول أكثر من مرة للمصالحة لكني رفضت واتصل مع أمي بأننا لم نتعامل معه بطريقة جيدة، وأن أبي أهمل مشاعره فلم يتصل يعتذر عن موضوع الخطبة، ولكن في حقيقة الأمر أنا التي طلبت من أبي عدم الاتصال، وأنا سوف أنهي الموضوع صراحة حتى لا يلين أبي ويطلب أنا أعود له.
بعد كل ما شرحت وأتمنى أن أكون أوضحت الموضوع، هل أنا ظالمة له؟ هل سوف أعاقب من الله تعالى لأسلوبي معه؟ فأنا ندمت ليس لقراري بالفسخ، ولكن لأسلوبي الغير جيد، ولأنني وافقت في البداية، والذي أتعب نفسيتي هي أمي، فدائما تقول لي: سيعاقبك الله على ذلك، مما أثار حزني فعلا، تقدم لخطبتي شاب وبعد أن اقتنعت به وأحببته لم يكمل موضوع الخطبة، واكتشفنا أنه إنسان غير جيد ففرحت أمي لما حصل ـ سامحها الله ـ وقالت لي تستحقين ذلك فهذا جزاء ما فعلت بخطيبك السابق؟ واستغفرت ربي أن يسامحني إذا أنا ظلمته وأسأت له ودعوت الله بأن لا يحقد علي خطيبي السابق.
أرجوكم دلوني ماذا أفعل؟ وما رأي الدين في ذلك؟هل أنا آثمة؟ هل أبعث لخطيبي السابق رسالة اعتذار، وأن يسامحني إن أسأت له؟ فضميري يعذبني كثيرا لما فعلت وخوفي من الله يزداد يوما بعد يوم، ودائما أستغفر الله على ما فعلت وأن يرضى عني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت العزيزة/ لورين حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فنسأل الله العظيم أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، ونسأله تبارك وتعالى أن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.
إن العلاقة الزوجية ينبغي أن تبنى على الوفاق والرضا، ومن هنا تتجلى عظمة هذه الشريعة التي جعلت هذا الحق بيد الفتاة، ومن حق كل فتاة أن تقبل أو ترفض ولكن ليس من حقها أن تجرح المشاعر وتسيء إلى خطيبها أو إلى أهله، وكان ينبغي أن تكوني واضحة منذ البداية ولا تضيعي له زمنه.
وقد أحسنت بذكرك لمحاسن ذلك الخاطب وليس من الضروري أن تقبل الفتاة بالخاطب، ولكن من المهم أن تنشر أحسن ما وجدت فيه من صفات، وأن تذكره بالخير، ولا تذكر عيوبه خاصة العيوب الخلقية؛ لأن في التعبير بها إساءة أدب مع من خلق الإنسان وصوره، وإذا سخر الإنسان من أخيه لعيب في شكله فإن الله يبتليه بمثل ذلك العيب في نفسه أو في عياله وأحب الناس إليه، فكوني حذرة ولا تنسي فضله وظنه الحسن فيك ورغبته في الارتباط بك واختيارك من دون الفتيات.
ولا داعي للرجوع إلى الوراء والندم على ما فات، وأرجو أن تكثري من الدعاء له والاستغفار، ولا مانع من إيصاله الاعتذار عن طريق محارمك من الرجال، أو عن طريق إحدى أخواته ومحارمه النساء، واطلبي منه العفو من كل إساءة أو ظلم شعر به، وحبذا لو اعتذرت له الأسرة بكاملها.
ولا شك أن ما فعلته وإن كان قاسيا بعض الشيء إلا أنه أفضل من العيش مع رجل لا تطيقين التعامل معه؛ لأنه يترتب على ذلك التقصير في القيام بحق الزوج الذي شرعه الله وفي ذلك مهلكة عظيمة وفساد كبير.
ونحن ندعوك إلى الإكثار من الدعاء والاستغفار وعدم تكرار مثل تلك المواقف مع شخص آخر، وأسسي حياتك على الوضوح، كما أرجو أن تعرفي أن الوالدة معذورة لأنها كانت تظن أن الخير مع ذلك الرجل، والأم أحرص الناس على مصلحة بنتها، ولكن الفتاة وحدها هي التي تقدر مع من تعيش وترتاح؛ فإن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، ومسألة الحب والبغض لا يملكها الإنسان.
وأما تأنيب الضمير فإنه يدل على بذرة الخير التي في نفسك؛ فاحرصي على تنميتها، واجتهدي في التقرب إلى الله، وابني علاقتك بكل خاطب على طاعة الله، ولا تتجاوزي الحدود المقبولة شرعا، وعودي نفسك صلاة الاستخارة، ولن يضرك ما حدث مادمت من المستغفرات فإنه لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده وقدر الله وما شاء فعل، (فإن لو تفتح عمل الشيطان)، فاجتهدي في طاعة والدتك، واعلمي أنك مأجورة على صبرك عليها، واستقبلي الحياة بأمل جديد، وطهري قلبك تجاه القريب والبعيد، وزودي نفسك بتقوى الله المجيد.
ونسأل الله أن يقدر لك الخير وأن يلهمك الرشاد والسداد.