السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا عبد فقير يعاني ويتألم، ويرى الخطر مقبلا عليه ولا حول له ولا قوة لكي يتفاداه، فكري مشتت، أعاني العزلة والوحدة، أشتاق لذاتي السابقة، كلما طرقت بابا وجدته مغلقا، وكلما توجهت توجها لا يأت بخير، لا أعلم لماذا؟
أستغيث بدعاء والداي لي بالوظيفة، والزوجة والذرية، والفرج.
أنا كتوم وخجول ولا أحب أن تسيطر النظرة السوداوية على حياتي، ما رأيكم بحالتي؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك في الشبكة الإسلامية وردا على ما كتبته نقول:
ما خلقنا الله تعالى ليعذبنا قال تعالى: (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما).
وما خلقنا سبحانه عبثا وإنما خلقنا سبحانه لحكمة علمها من علمها وجهلها من جهلها، وهي عبادته سبحانه وتعالى فهو القائل: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ويقول سبحانه: (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم).
خلق الله سبحانه كل ما في هذا الكون من أجل الإنسان غير أنه لا ينتفع بها ويسعد بتحصيلها إلا المؤمن، أما الكافر فمهما تحصل من هذه الدنيا فهو في شقاء دائم وضنك من العيش قال تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى)، ومهما أعطى نفسه وهواه ما يطلبه فلا يزيده ذلك إلا ضيقا في صدره قال تعالى: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون).
لقد جعل الله تعالى طريقا واحدا لاكتساب السعادة وهي طريق الإيمان والعمل الصالح، فقال سبحانه: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
الرزق مقسوم من عند الله تعالى وعلى العبد أن يسعى لتحصيله ويبذل الأسباب (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور)، وفي الحديث الصحيح: (لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا).
أبواب الله سبحانه مفتوحة ولا توصد في وجه أحد، والله يسمع لدعاء عبده إن أحسن المناجاة وتوفرت فيه أسباب الاستجابة وانتفت الموانع، قال تعالى: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء)، وقال: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم)، وقال: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون).
على من أراد أن يحقق الله له آماله أن يتبعد عن الذنوب والمعاصي؛ لأنها تحرم العبد من الرزق، ففي الحديث: (وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).
من الأمور التي نهى عنها ديننا تمني الموت بسبب ضرر نزل بالعبد، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به وإن كان فاعلا فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خير لي).
من الأخلاق الفاضلة التفاؤل، ومن الأخلاق السيئة التشاؤم، وكان -عليه الصلاة والسلام- يحب التفاؤل ويكره التشاؤم، فتفاءل في حياتك وأحسن الظن بالله تعالى ففي الحديث: (أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن خيرا فله، وإن ظن شرا فله).
نوصيك أن تحافظ على الصلوات الخمس في أول وقتها، وأن تكثر من النوافل، وتتضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وتحين أوقات الإجابة، وسل ربك ما تتمنى من خيري الدنيا والآخرة، وأكثر من دعاء ذي النون: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
الزم الاستغفار وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).
نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى لنا ولك فرجا قريبا.