السؤال
السلام عليكم
أنا فتاة عمري 21 سنة، وفي سنة التخرج -بإذن الله تعالى-.
في الماضي كنت أعاني من الاكتئاب، وأظن أن السبب يرجع إلى الفراغ والبعد عن الله، ولكن منذ سنتين التزمت وواظبت على الصلاة، وتعلمت العديد من الأشياء منها: الدعاء واليقين وعن رحمة الله، فامتلأت بالرضا والسكون.
يمكنني القول: أنني أضعت السنين التي مضت في أشياء ليس لها معنى، كاللعب بالألعاب الإلكترونية، والعديد من الأشياء الغير مفيدة.
الآن في سن التخرج، وأشعر بأنني متأكدة بأن الله خلقني بمواهب وقدرات لكي أسخرها لصالحي في الدنيا والآخرة، فمن المستحيل خلقني الله من أجل أن أعمل في مكان دون الرغبة في العمل فيه، ثم أرجع للمنزل وأنام من أجل الذهاب للعمل في اليوم الثاني.
عندما أقول لأمي هذا الكلام تنفعل وتلومني، وتقول بأنني لا أقدر النعم التي أتنعم بها، وبأن الله سوف يعاقبني لأنني لا أستشعر النعم، وبأن هذه "هموم المرتاحين"، هل كتب علينا أنه يجب علينا الرضا بالحال كما هو، وأن أجلس في مكاني من أجل ان أرضى بما كتبه الله لي؟
هل يجب علي الجلوس في المنزل، وأن أنظر للهاتف ٢٤ ساعة من أجل أن أبدو في نظر أمي بأنني راضية وقانعة بما قسمه الله لي؟
هل حرام أن أسعى في الدنيا من أجل أن أخرج طاقتي في شيء مفيد، وربما ينفع المجتمع من بعدي؟
هل حرام أن أبحث عن ما أستمتع بالقيام به من أجل أن أعمل على تطويره، وأحوله لمشروع لي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nujood حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك حسن عرض هذه الاستشارة، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يستخدمنا جميعا في طاعته، وأن يعرفنا بالمهمة العظيمة التي خلقنا لأجلها، قال العظيم: {وما خلقت الجن إلا ليعبدون * ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون}.
لقد أحسنت بهذا الفهم، فنحن ما خلقنا لنأكل ونشرب ثم ننام، ولكن خلقنا لغايات عظيمة، وأنت والوالدة على اتفاق، لكن الطريقة التي أوصلت بها الفكرة للوالدة هي التي جعلتها ترد بهذا الرد، واعلمي أن برك للوالدة من العبادات العظيمة، كما أن تطوير مهاراتك في القراءة والتفكير والتعليم والتفقه في الدين؛ كل ذلك من المهام الكبيرة، فليس من الضروري أن يكون السعي خارج البيت وتدخلي إلى مجالات قد تصعب عليك، ولكن الآن تفعلين المتاح، واعلمي أنه لا يوجد في هذا الوضع أغلى من القرب من الوالدين والسعي في رضاهم، ثم الدخول على موقعك وقراءة الاستشارات وتطوير القدرات والمهارات، وإعداد نفسك للمراحل الحياتية المقبلة.
فالمرأة تستطيع أن تعمل أدوارا كبيرة وتحقق ما ذهبت إليه، لأن الإنسان يستطيع الآن من خلال هذا النت أن يوجه الدعوة لغافلات، أن تقومي بالنصح لهن، أن تطوري نفسك، أن تكوني عونا للوالدة، أن تتواصلي مع بنات الخالات وبنات العمات المقصرات، تذكري بالله -تبارك وتعالى-، تعملي معهن حلقات تلاوة ولو عن بعد (أولاين) نسبة للظروف الموجودة الآن.
فالإنسان يستطيع أن يفعل الكثير، وفعلا حتى وإن كان الإنسان في مكانه وأدرك مهمته وشغل لسانه بذكر الله -تبارك وتعالى-، وشغل لسانه بتلاوة القرآن وحفظه، وشغل لسانه بتعلم أمور الدين، فإن هذا من أعظم ما نشغل به أنفسنا.
أنت صادقة، والوالدة يبدو أنها لم تفهم ماذا تريدين، وأنك تعترضين، طبعا الجواب ألا تعترضي للوالدة، أنت من تستطيعين أن تطوري قدراتك، والحمد لله أنت ممن ذاق اليقين والسكون والرضا بالله وعن الله، فاحمدي الله -تبارك وتعالى- الذي رزقك هذه الطمأنينة، واطلبي المزيد من الطمأنينة والقرب من الله -تبارك وتعالى-، واثبتي على ما وصلت إليه من الخير، بل ازدادي خيرا {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}، واجتهدي أيضا في مصاحبة الصالحات حتى يكن عونا لك على كل عمل نافع لك ولأهلك ولأمتك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يستخدمنا في طاعته، وخير الناس أنفعهم للناس، والفتاة تفعل وفق المتاح تحت يديها، مع مراعاة الواجبات الكبرى بعد أداء الفرائض، مثل بر الوالدين وإرضائهم.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.