السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا متزوجة منذ حوالي ست سنوات، ولدي طفلان، الأولى عمرها أربع سنوات، والثاني عمره عامين.
أسكن مع أهل زوجي، وعلاقتي بهم ليست جيدة إطلاقا؛ لأنهم أناس يحبون أن يتسلطوا على العروس، ومنذ زواجي وزوجي يعاملني بجفاء ظننت أني في البداية لا أفهمه، لكنه استمر على هذا الفعل، إذا سألته لا يجيب، وإذا سأله شخص من عائلته يجيب، وإذا قلت له ما رأيك أن تفعل هذا ولا تفعل هذا بكلام لبق محترم يخبرني بأنه لا شأن لي، ولا تتدخلي حتى في أتفه الأشياء، حتى وإن كان أمر يخصنا الاثنين، فيقول لي لا تتدخلي، وكم من مرة أجده يتحدث مع بنات غير مؤدبات، فأغضب، وأقول له إن لم تتوقف عن فعل هذا سأذهب لبيت أهلي، ويخبرني بأنه سيتوقف، لكن هذه المرة اكتشفت بأنه ما زال يتحدث مع فاسقات ويرينه صدورهن، وفيديوهات إباحية، وهو يعجبه الأمر (رغم أني أشبعه برغباته).
الآن هو يبني سكننا الخاص، وأريد أن أخبره بأن يفعل هذا التخطيط في بعض الأمور فقط حتى إذا رزقنا بولد آخر لا يقع أو لا يتأذى، فيقول لي ما شأنك، أي إذا تحدثت معه إما لا يرد أو إذا رد لا يحسن الكلام معي، أي كلامه جارح، رغم أنه يعمل بعيدا عن المدينة التي نسكن فيها، فيأتي كل أسبوع أو أسبوعين فقط، ورغم ذلك لا تجد كلامه لينا معي، فكلامه فظ معي فقط، عندما يأتي إلى البيت يفرغ شهوته، ثم يذهب للسهر مع أهله في غرفة الضيافة، وأنا جالسة أنتظره لكي يسهر معي؛ لأنه كان غائبا، لكن لا، وأخبرته بأني لي حق أنا أيضا عنده، لكن لا حياة لمن تنادي، والآن كرهت هذه المعيشة معه، وأحيانا صرت أفكر في الخلع.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم علاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أختنا الكريمة-، وردا على استشارتك أقول:
يرجع السبب في تعامل الرجل بجفاء مع زوجته إلى عدة أمور منها الثقافة المغلوطة عند بعضهم، فبعضهم يرى أنه يجب أن يكون تعامله مع زوجته بغلظة وجفوة حتى تكف عن التدخل في شؤونه وتشغله بالطلبات والأمنيات، ومن الأسباب سلوكيات الأسرة الضاغطة على الأبناء بحيث تستمر السيطرة عليهم خوفا من ميلهم لزوجاتهم بحسب زعمهم، ومنها ضعف شخصية بعض الرجال بحيث تكون الأسرة أقوى منه، فيرضخ لهم، ولا يستطيع الخروج عما يريدون، ومنها ضعف الدين والإيمان، فلا يعرف بعض الرجال ما لهم وما عليهم من الحقوق الزوجية، ومنها تعامل بعض الرجال مع المرأة على أنها فقط لقضاء الشهوة، وتربية الأولاد، وطهي الطعام، وأنه لا رأي لها، وسبب هذا الجهل بعدهم عن شريعتنا السمحة وسيرة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، وجهلهم بحقيقة المرأة، وما تحمله من المشاعر المرهفة، وحاجتها لمن يؤنسها، ويتكلم معها ويتجاذب معها أطراف الحديث ويثني عليها ويثق بها، وبما أودع الله فيها من الصفات الحسنة ومنها حسن التدبير.
أحسن علاج في نظري لمعالجة زوجك هو أن تأتيه من أكبر نقطة ضعف عنده، وهي في نظري ضعفه أمام أسرته، ويمكن معالجته من خلال تحسين علاقتك مع والدته ووالده خاصة، فعليك أن تتعاملي معهما كما تتعاملين مع والديك، وأن تتحملي قليلا طالما وزوجك في صدد بناء بيت مستقل خاص بك وبأسرتك، فكسب رضى وثقة والديه ستعينك كثيرا من خلال توجيهاتهما بالإحسان إليك.
يمكن كسب رضى وثقة والديه من خلال خدمتهما، وطلب السماح منهما واستشارتهما في بعض أمور حياتك، وعمل كل عمل يرضيهما في البيت؛ لأن عدم كسب رضاهما ستستمر حياتك بنفس الطريقة فيما بعد؛ لأن التأثير على زوجك سيبقى على ما هو عليه.
الهدية تعمل في القلب عملها، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (تهادوا تحابوا)، فقومي بشراء هدية لحماك وحماتك، وانظري كيف ستتغير نظرتهما لك.
ابقي على تواصل دائم معهما واستدعيهما لتناول الطعام في بيتك فيما بعد، وعند زيارتهما تعاملي معهما كما تتعاملين مع والديك، وسوف يغيران أسلوب تعاملهما معك.
إن كسبت رضاهما، وقام زوجك بعمل أمور غير جيدة، فيمكنك الإسرار لوالديه، وسيكونان بجانبك في نصحه والأخذ بيده.
اجتهدي في تغيير صحبته بما تقدرين برفق ولين، وأقنعيه بسماع أو قراءة ما له وما عليه في جانب الحياة الزوجية، فلعل قناعاته تتغير، ولا بد من أن تتأسسي لمبدأ الحوار البناء في البيت.
اجتهدي في تقوية إيمانه من خلال حثه على الأعمال الصالحة، فإن قوي إيمانه ستتغير سلوكياته ولا محالة، وسوف تكون حياتكما أكثر سعادة، وعليك أنت كذلك أن تجتهدي في تقوية إيمانك بنفس الطريقة، فإن الحياة الطيبة السعيدة لن تنال إلا بأمرين الأول العمل الصالح، والثاني الإيمان كما قال تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
احذري أن تتخذي قرارا مستعجلا في الانفصال عن زوجك، بل عليك أن تعملي بكل الوسائل والأساليب التي تصلحه، فالتأني من الله، والعجلة من الشيطان، والخلع ليس حلا، بل لعلك تندمين على اتخاذ مثل هذا القرار، واعلمي أن الضحية في ذلك سيكون أبناؤك، فعليك أن تغلبي مصلحتهم وتجتهدي في إصلاح زوجك مع الصبر والتأني، فلن يبقى على هذا المنوال بإذن الله تعالى.
الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).
أكثري من التضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وسلي الله تعالى أن يلين قلب زوجك لك، وأن يلهمه الرشد، وأن يؤلف بينك وبين والديه، فقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وعليك أن تتحيني أوقات الإجابة، وأكثري من دعاء ذي النون: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يفرج همك، وأن يصلح زوجك ويلهمه الرشد ويؤلف بينك وبين حماك وحماتك إنه سميع مجيب.