السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شكرا لكم على هذا الموقع الرائع.
أعاني من توتر شديد خاصة عندما يوبخاني والدي على خطأ، وعندما يكثر أحد من الكلام كثيرا، وعندما يستفزني أحد.
أرجو يا دكتور محمد عبد العليم أن تعطيني أدوية تعالج هذه الحالة، علما بأنني لم أكن كذلك من قبل، ولكن بسبب بيئة مجتمعنا السيئة، وما تعرضت له من مواقف في حياتي، هي التي جعلتني هكذا، فأرجو يا دكتور أن تصف أدوية تساعد على علاج هذه الحالة، بالإضافة إلى علاج سلوكي وبعض الطرق للتغلب على هذه المشكلة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأشكرك على كلماتك الطيبة، وأسأل الله تعالى لك العافية والتوفيق والسداد، وأن ينفع بنا جميعا.
أيها الفاضل الكريم: أنت لست مريضا حقيقة لتلجأ للأدوية، ربما يكون لديك شيء من القلق والتوتر البسيط، ولديك أيضا حساسية في شخصيتك، حيث إنك لا تتحمل التوبيخ أو الانتقاد من جانب الوالدين، وهذا الأمر حقيقة يتطلب منك أن تنظر إلى نفسك نظرة إيجابية، لا تحقر من ذاتك، لا تنظر إلى نفسك بدونية أبدا، الإنسان هو عبارة عن مشاعر وأفكار وأفعال، فأنت كن جيد الأفعال، على النطاق الاجتماعي، على النطاق الدراسي (الأكاديمي)، وحتى الاهتمام والالتزام بالعبادات – أيها الفاضل الكريم – هذا يعطيك دفعة قوية جدا، وسوف تحس أن مشاعرك وأفكارك قد أصبحت إيجابية جدا.
وابن علاقتك مع والديك على الود والاحترام، وحاول أن تستفيد من تجاربهما، الوالدان ينشدان أن يكون ولدهما أفضل منهما، لذا قد يحدث شيئا من سوء التفاهم أو سوء الفهم حول مقاصد الوالدين، هما يريدان لك الخير ويريدان بك الخير، وأنا متأكد أنت أيضا تسعى لبرهما دائما، هذا أمر مهم جدا.
وسيكون – يا أخي – من المهم جدا أن تتعلم ترتيب الوقت وتنظيمه، هذا يجعلك موفق جدا في حياتك، تستمتع بوقتك، على مستوى الدراسة، على مستوى الترفيه عن النفس، على مستوى العبادة، التواصل الاجتماعي، فهذه كلها أمور أساسية سلوكية تساعد الإنسان في النجاح.
ولا بد أن تكون لك أهداف أيضا (أهداف آنية، أهداف متوسطة المدى، وأهداف بعيدة المدى)، وتضع الآليات التي توصلك إلى أهدافك. ودائما نحن ننصح الناس أن يعيشوا قوة الآن (الحاضر)، حيث إن الحاضر أقوى من ضعف الماضي، وقوة الآن (الحاضر) أفضل من المخاوف حول المستقبل، فحاول أن تستفيد من ذلك، وهذا -إن شاء الله- يجعلك في أفضل حال.
أخي الكريم: بالنسبة لبيئة المجتمعات: يجب أن نساهم في إصلاح مجتمعاتنا، نحن جزء منها، ونحاول أن نقبل الناس كما هم لا كما نريد، ونحاول دائما أن نعامل الناس كما نحب أن يعاملونا، حين نحمل هذه الرسائل العملية العظيمة قطعا سوف يحسن في بيئة المجتمع، وكذلك يساعدنا على أن نكون مستقرين نفسيا.
أخي الكريم: يمكن أن أصف لك أحد مضادات القلق البسيطة جدا، عقار مثل الـ (موتيفال motival) بجرعة حبة واحدة ليلا لمدة شهرين، ثم حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، أعتقد أن ذلك سيكون كافيا جدا.
أنت لست مريضا لكنك تنشد حياة نفسية أكثر إيجابية، وهذا أمر طيب وأمر مشروع، وقد وضعت لك الخطوط العريضة التي تساعدك -إن شاء الله تعالى- في الوصول إلى ذلك.
أريدك أيضا أن تقرأ عن علم حديث نسبيا، وهو (علم الذكاء العاطفي) أو (الذكاء الوجداني)، الإنسان لديه ذكاء عقلي – وهو الذكاء العادي الذي يساعدنا في اكتساب المعارف، ويساعدنا في الدراسة، ويساعدنا في تيسير حياتنا – أما الذكاء العاطفي - وهو مهم جدا – يساعدنا في أن نفهم ذواتنا، ونفهم الآخرين، ونتعامل إيجابيا مع أنفسنا، وكذلك نتعامل إيجابيا مع الآخرين، علم مهم جدا، فأرجو أن تحصل على أحد المؤلفات الجيدة حول الذكاء العاطفي – أو ما يسمى بالذكاء الوجداني – .
يوجد كتاب ألفه رائد هذا العلم اسمه (الذكاء العاطفي) ومؤلفه هو الدكتور (دانييل جولمان)، كتب هذا الكتاب سنة 1995، وهو حقيقة أول من ألف في هذا العلم، والكتاب طبعا مترجم إلى اللغة العربية، وتوجد كتب أخرى كثيرة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.