السؤال
السلام عليكم.
أنا قلبي أسود خال من الرحمة، ومشكلتي مع أهلي هي أني أبغض أشياء فيهم تنافي الدين، فأتضايق من نفسي لأنهم أهلي لا يجب أن أكرههم، وأحس أني منافق، وأن الله غاضب علي ويكرهني، علما أني أرجو الله أن يصلحني.
هل أنا على صلاح؟ كيف أتقبل أهلي؟ كيف لا أتضايق من أهلي أو من أي أحد إذا قام بشيء يضايقني؟ كيف أتخطى هذا؟ وكيف أخرج الحقد والحسد؟ وكيف أجعل قلبي رحيما ورقيقا؟ أكره قلبي هكذا -الحمد لله على كل حال-.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ جدايد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أيها الابن الكريم- في الموقع، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة والرغبة في الخير، والرغبة في هداية أهلك، ونتمنى أن يكون غضبك لله لا لنفسك، ونسأل الله أن يقر عينك بصلاح الأهل جميعا، وأن يلهمنا جميعا رشدنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا.
قلبك -بإذن الله- لن يكون أسود، ولن يخلو من الرحمة؛ ما دمت أنت مؤمنا تسير على طريق من بعثه الله رحمة للعالمين، واعلم أن من لا يرحم لا يرحم، وأن الذي يرحم ينال البركات والخير من الله تبارك وتعالى، والإسلام هو دعوة الرحمة ودين الرحمة.
ولذلك الإنسان ينبغي أن يرحم المقصرين والعصاة، ورحمته لهم هي التي تدفعه إلى نصحهم، وما ينبغي للإنسان أن يكرههم، لكن يكره أفعالهم، ويكره عصيانهم، كما قال الله على لسان نبيه لوط -عليه السلام- تجاه قومه وقد أفسدوا، وقعوا في الفاحشة الكبرى، لكنه قال لهم: {إني لعملكم من القالين} لم يقل أنا أكرهكم، وإنما قال: أنا أكره هذا الذي تفعلونه من القبح والفحش. وهكذا ينبغي أن يكون المؤمن، فالأهل محبوبون، ولهم حقوق علينا، لكننا نكره عصيانهم لله، ونفرح بطاعتهم لله، ونسعى في إرشادهم وتوجيههم، واعلم أن دعوة الأقربين من الواجبات {وأنذر عشيرتك الأقربين}، كما أن الاجتهاد في هدايتهم لون من صلة الرحم، بل من أعلى صور صلة الرحم، أن يسعى الإنسان في هداية أرحامه.
ولذلك أرجو أن تتغير عندك هذه المشاعر؛ انطلاقا مما أنت فيه من الخير والرغبة في هدايتهم وصلاحهم.
وإذا كره الإنسان إنسانا فينبغي أن يداريه، ليس من الحكمة أن يعلن الإنسان للناس أنه يكرههم، وأنه لا يحبهم، أنه يحسدهم، أنه يحقد عليهم، هذا ليس من الحكمة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لما جاءه رجل قال: (بئس أخو العشيرة) فلما دخل عليه هش له وبش – عليه صلاة الله وسلامه -، فتعجبت أمنا عائشة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن شر الناس من تركه الناس اتقاء شره).
ولكن علينا أن نداري الناس، والمدارة هي أن نعامل كل إنسان بما تقتضيه حاله، ولن تجد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قسى أو اشتد أو أساء حتى لأكبر أعدائه – عليه صلاة الله وسلامه – وعلى هداه وخطاه ينبغي أن نسير، أن الإنسان يفرق بين حبه للناس وحب الخير لهم، وبين كره ما يحصل لهم من مخالفات وتجاوزات.
نسأل الله أن يفقهنا في الدين، ونكرر الترحيب بك في الموقع.