السؤال
السلام عليكم.
صديقتي تقوم بعمل ذنب من الكبائر، ونصحتها أكثر من مرة ولمدة سنة تقريبا بأنها تبعد عن الذنب، وهي مصرة على ارتكابه، وفي الآخر عرفت أنها لا ترى أي مشكلة في الذنب أصلا، فابتعدت عنها، فهل أنا خاطئة؟
مع العلم أنها لا تعرف سبب تركي لها، وكل كلامها تلقيح عن أنني بعتها وآذيتها وما إلى ذلك.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك –عزيزتي – في الشبكة الإسلامية.
نشكر لك ثقتك في إسلام ويب، ونشكر لك أداءك لرسالتك الدعوية، وحرصك على هداية صديقتك، والاقتداء بخير البشر –صلى الله عليه وسلم- في تبليغ رسالة الله تعالى في خلقه، قال عليه الصلاة والسلام:" بلغوا عني ولو آية"، فعملك وحرصك يؤكد صلاحك وخوفك من الله، وأيضا يؤكد طاعتك لله سبحانه وتعالى، فبارك الله فيك، وسدد خطاك، وأعانك على فعل الخير أينما كنت وكان.
عزيزتي: اعلمي أن استمرارك لمدة سنة في دعوة صديقتك إنما هو من فضل الله تعالى ونعمه عليك، فكل لحظة دعوية فيها لك الكثير من الخير والثواب، فعن سهل بن سعد –رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعلي –رضي الله عنه-:" فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم"، أي أن يعمل الإنسان على هداية أخيه الإنسان إلى الحق وطريق الإيمان والجنة، وهي هداية بيان وبلاغ، هداية دلالة وإرشاد، وقد قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:" وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم"، هداية يبين فيها الإنسان لأخيه معالم الدين وملامح الشريعة، ويميز بها الخير عن الشر، والحق عن الباطل، ونحن جميعا هذا دورنا كمسلمين، دورنا في نشر الدين، والدعوة إلى الله تعالى، والحرص على عمل الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى:" كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله"، فما كانت خيرية هذه الأمة إلا في إيمانها بالله تعالى، وعملها الصالحات.
أما النتيجة فليس يلزمك ولا يلزمنا منه شيئا، ليس علينا إدراك النتيجة ونيل النجاح في الدعوة، ولا قطف ثمارها، علينا السعي والقصد، علينا العمل والجهد، وعلى الله نيل المقاصد، على الله تعالى النتيجة، فهو يهدي من يشاء، على الله تعالى الهداية، فالهداية بيد الله تعالى لا يملكها إنس ولا جن، هداية التوفيق والرضا بالحق وقبوله، قال عز وجل:" إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء"، وقال تعالى:" ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء"، وأنت –عزيزتي- قمت بما وجب عليك.
أما مسألة هل أخطأت بالابتعاد عنها:
فأنت لم تخطئي –عزيزتي-، ولكن ننصحك بالتواصل معها، والاستمرار في دعوتها، على شرط أن تضمني عدم إلحاق الضرر بك أو بسمعتك جراء مصاحبتك لها، وأيضا ننصحك بإدخال عناصر أخرى لدعم قضيتك من نساء وأخوات صالحات يعملن في الدعوة، ومتمكنات من الأحكام الشرعية، لتقديم النصائح لها، ومساعدتها على التوبة، واللحاق بركب التائبين، حتى لا تخسر آخرتها، وبيان عاقبة أمرها إذا استمرت فيما هي عليه في الدنيا والآخرة، وأثر عملها وذنبها على حياتها ومستقبلها، ثم على آخرتها.
وأيضا ننصحك أن تبيني لها سبب ابتعادك عنها، فأخبريها أنك تحبينها، وتتمنين لها الخير، وأنها أختك في الإسلام، وترجين من الله هدايتها ورجوعها للحق، ولكن يصعب عليك التواصل معها ما دامت مصرة على المخالفة، وأنك تخشين على نفسك من تأثير معصيتها وذنبها، فالصاحب ساحب، فعن أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم قال:" إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا منتنة"، وهذا مثال أن مصاحبة أصحاب المعاصي تؤثر على الإنسان فإما أن يعمل عملهم من المعصية، أو يرضى بها ولا ينكر عليهم، أو تتأثر سمعته واسمه، فبيني لها هذه الحقيقة، وأكدي أنك تبغين لها النجاة والفلاح، ولولا خوفك مما قد يلحق بك ما تركتيها، فربما هذا الكلام يؤثر فيها، وينبهها من غقلتها، وترجع إلى الله تائبة مستغفرة، ووضحي لها أن الله تواب يحب التوابين ويحب المنيبين إليه، وأن الحياة قصيرة لا تستحق أن نضحي بالآخرة من أجلها، وادعي لها بظهر الغيب أن يتوب الله عليها ويغفر ذنبها، ويثبتك على الحق والرشد.
وأخيرا نرجو منك التواصل مع الموقع، وبيان نوع المخالفة التي تقوم بها صديقتك، وتوضيح نمط شخصية صديقتك حتى يمكن التعامل معها حسب شخصيتها وعقليتها، ونسأل الله تعالى لنا ولك الثبات والسلامة، ونسأله سبحانه أن يغفر لنا ولها، ويجعلنا جميعا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.