السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية بارك الله فيكم على جهودكم وموقعكم الجميل.
أنا فتاة، عمري ٣١ عاما، أعاني منذ ١٠ أيام من وسواس الخوف من الموت، وحالة رعب وهلع خاصة في الليل، والخوف من النوم، ومن الأحلام المزعجة، وضيق في النفس، وسرعة في ضربات القلب، والرغبة في البكاء، وحرقة في المعدة.
كنت مقصرة في ديني -والحمد لله- تبت والتزمت بصلاتي، والنوافل، والأذكار، وقراءة القرآن، وقيام الليل والصدقة، وأداوم على الاستماع لسورة البقرة والرقية الشرعية، ولكني أشعر بالخوف الدائم، وانعكس الأمر على والداي، وبدأت بالخوف عليهم جدا، وأدعو الله كثيرا أن يطيل في عمري وعمرهم في طاعته.
أتساءل كثيرا هل قبل الله توبتي؟ وهل سيعطيني العمر لأعوض ما فاتني من الطاعات؟ وهل هذا مجرد وسواس أم لا؟
أعيش في حزن ورعب، ولأنني في بلد غربة لا أعلم أي من شيوخ للرقية أو أطباء نفسيين، فهل ما أنا فيه بسبب عين أم سحر؟ علما أنني أداوم على شرب الماء المقروء عليه، وعند سماع الرقية أول مرة بكيت بشدة حتى نمت، لم أستطع وصف جميع ما أشعر به، وأعتذر عن كلماتي المبعثرة.
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بانا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى أن يبلغنا رمضان الكريم جميعا.
أيتها الفاضلة الكريمة: الذي حدث هو نوبة فزع أو هلع أو مخاوف، وبالفعل الفزع والهلع قد يأتي دون أي مقدمات في بعض الأحيان، وفي بعض الأحيان الضغوط النفسية قد تكون سببا في ذلك، كما أن البناء النفسي لشخصية الإنسان يلعب دورا مهما جدا من حيث السببية فيما يتعلق بنوبات الهلع والهرع والخوف والوسوسة.
فالحالة إن شاء الله حالة بسيطة، وكما تلاحظين هنالك خوف وهناك قلق وهناك شيء من الوسوسة، وأنا أؤكد لك أنك على خير، وإن شاء الله تعالى توبتك النصوح هذه مقبولة تماما بحول الله وقوته، ولا تجعلي الوسواس ينكد عليك حياتك، وينزل عليك الحزن، لا، أنت بخير، وسوف تظلين بخير، كل المطلوب منك هو أن تتجاهلي تماما هذه الأفكار الوسواسية، وكذلك القلق السلبي، وتركزي كثيرا على ممارسة تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، (تمارين التنفس المتدرج، تمارين شد العضلات وقبضها ثم إطلاقها)، توجد برامج على اليوتيوب توضح كيفية تطبيق هذه التمارين.
وأريدك بالنسبة للأفكار الوسواسية أن تحدديها على وجه الدقة وتكتبيها في ورقة، ابدئي بأخف الأفكار وانتهي بأشدها، وبعد ذلك طبقي ثلاث تمارين على كل فكرة وسواسية أو فكرة خوف:
التمرين الأول نسميه بـ (إيقاف الأفكار): لا تخوضي في الفكرة، تجاهليها، ثم خاطبيها قائلة: (أقف، أقف، أقف) عدة مرات. هذا تمرين جيد جدا، إذا طبقه الإنسان بصورة صحيحة، وتنتقلي من فكرة إلى التي تليها.
التمرين الثاني يسمى بـ (صرف الانتباه): عندما تأتيك أي من هذه الأفكار الوسواسية اصرفي انتباهك لشيء آخر، شيء جميل، شيء طيب، شيء أكثر أهمية، أو مثلا خذي نفسا عميقا، قومي مثلا بعد التنفس لمدة دقيقتين ... أشياء كثيرة يمكن للإنسان أن يقوم بها ليصرف انتباهه عن الخوف والهلع والوسوسة.
والتمرين الثالث نسميه (التنفير): أي فكرة وسواسية أو فكرة فيها خوف حاولي أن تربطيها بأي نوع من الاستشعار المخالف لها، مثلا: تقومي بالضرب على يدك بقوة وشدة على جسم صلب، كسطح الطاولة مثلا، وفي ذات الوقت تستجلبي الفكرة الوسواسية أو فكرة الخوف. الربط ما بين الفكرة الوسواسية وبين إيقاع الألم على النفس سوف يضعف كثيرا الفكرة الوسواسية.
طبعا التمرين هذا لا بد أن يؤخذ بجدية، ولابد أن يكرر عدة مرات، عشرين مرة متتالية، بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء.
أيضا التخلص من الفراغ مهم جدا، وشغل النفس بما هو مفيد في دين أو دنيا، والتفاؤل نراه علاجا ضروريا.
الموضوع لا أعتقد أن له علاقة بالعين أو بالسحر، وإن كنا نؤمن تماما بوجود هذه الأشياء. إن أتاك شكوك حول هذا الموضوع فقومي بتحصين نفسك، وعليك بالأذكار، أذكار الصباح والمساء، وأذكار ما بعد الصلوات، وإن شاء الله تعالى أنت في حفظ الله ورعايته.
سوف أصف لك دواء بسيطا، إن شاء الله دواء بسيط جدا، فاعل، لا يسبب أي إدمان، يعالج نوبات الهلع والخوف والقلق والوسوسة، الدواء يسمى (سيبرالكس) واسمه العليم (اسيتالوبرام)، وهو موجود في تركيا، ولا أعتقد أنه يحتاج لوصفة طبية، هناك حبة تحتوي على عشرة مليجرام، ابدئي في تناولها بجرعة نصف حبة – أي خمسة مليجرام – يوميا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعليها حبة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.
هذا التدرج في تناول الدواء مهم جدا ومفيد جدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.