السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إستشارتي للدكتور محمد عبد العليم - حفظه الله -.
منذ أربعة أشهر أصبت بنوبة هلع قوية، استمرت معي لساعات، ونوبات الهلع بدأت معي منذ عشر سنوات، لكن هذه الأخيرة سببت لي ما يعرف باضطراب الهلع، وصرت أخاف من تكرر الحالة.
عشت حالة من التعب والقلق لشهرين، ثم نسيت الموضوع، وبعدها بدأت لدي أعراض جسدية: ألم حاد وسط الظهر خلف القلب، وأحيانا في الصدر والكتف الأيسر، ومع أنني متعودة على آلام الصدر المختلفة لكن الألم الشديد أخافني.
صرت كثيرة التردد على الأطباء، وأبحث في الإنترنت، أجريت تخطيطا للقلب فأخبرتني الطبيبة أنني أعاني من نقص الأكسجين، فعدت للبيت وازدادت حالتي سوءا.
منذ ذلك اليوم واصلت زيارة الأطباء، وأجمعوا أنه علي زيارة طبيب نفسي، لأني برأيهم أعاني من القلق والاكتئاب والوسواس ونوبات الهلع.
فعلا وبعد مشقة زرت طبيبا نفسيا وركز أكثر على القلق، وأخبرني أن جيناتي فيها قلق، واعطاني دواء alprazو no-dep تناولت الدواء لخمسة أيام ثم تركته؛ لأني خفت من البقاء رهينة للدواء مدى العمر، بسبب التجارب التي قرأت عنها على الإنترنت.
حالتي غير مستقرة، أحاول أن أساعد نفسي وأشفى طبيعيا، أمارس الرياضة والتنفس العميق والأكل الصحي والاختلاط العائلي، لكن هناك شعور سيء بدنو الأجل لا يفارقني.
علما أنني عانيت من وسواس الموت طويلا، لكن الأمر الآن مختلف، وأحيانا أحس بالضيق حتى أكاد أصرخ أو أجن، أخاف الجنون كثيرا، وأحيانا أحس بوهن وشعور غريب كأني سأسقط وأموت في مكاني.
أمي تقول إن بحثي عن الأمراض في النت أمرضني، وأنا لا أنكر لكني الآن أعاني ولا أريد الدواء.
شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.
أنا اطلعت على رسالتك بكل دقة، وهي واضحة جدا، وتدل على أنه بالفعل لديك حالة نفسية تعرف بـ (قلق المخاوف الوسواسي)، وقد تخللتها في الآونة الأخيرة نوبة أو نوبات هلع وفزع.
هذه الحالات معروفة، وكثير من الناس يعانون منها، والعلاج له مكونات أساسية، والحمد لله تعالى أنت على إدراك بمعظم هذه المكونات، فأرجو أن تمارسي الرياضة بانتظام كما هو الحال الآن، وتمارين التنفس العميق يجب أن تكون على أسس التمارين الاسترخائية الكاملة، (التأمل، التدبر، الاستغراق الذهني، شد العضلات وإطلاقها، والتنفس التدرجي، يكون هنالك شهيق عميق وبطيء، ثم حصر الهواء في الصدر لفترة، ثم بعد ذلك يكون الزفير أيضا بقوة وبطئ، وتكرر هذه التمارين)، فأرجو أن تطبقيها بصورة علمية وصحيحة، ويا حبذا لو دربك أحد الأخصائيين النفسيين عليها، وفي حالة صعوبة في الوصول إلى أخصائي نفسي قطعا على النت سوف تجدين برامج ممتازة جدا في كيفية تطبيق التمارين الاسترخائية.
ممتاز أنك حريصة على التفاعل الأسري والاجتماعي والأكل الصحي، وأريدك أيضا أن تتجاهلي هذه الأعراض، لأن العلاج على المستوى الفكري المعرفي – والذي يقوم على مبدأ التجاهل، التحقير، وصرف الانتباه عن فكرة الخوف – هذا في حد ذاته يعتبر علاجا ممتازا.
إذا نمط الحياة الإيجابي على الأسس التي تحدثت عنها وتحدثنا عنها هو العلاج لحالات الفزع والهلع هذه، وأنا أؤكد لك أنه لن يحدث لك أي شيء، القلق التوقعي والخوف من الموت هو مجرد شعور نفسي سلبي وليس أكثر من ذلك. توكلي على الله، والأعمار بيد الله، وكوني إنسانة إيجابية في كل شيء (مشاعرك، وأفكارك، وأفعالك).
بقي أن أحدثك عن العلاج الدوائي: حقيقة العلاج الدوائي مفيد جدا، إذا كان هنالك التزام بتناول العلاج بصورة منضبطة وسليمة، لأن المحور الدوائي مهم في هذه الحالات، وذلك بجانب المحور النفسي والاجتماعي والمعرفي والإسلامي الذي تحدثنا عنه سلفا.
فأنا أقترح عليك تناول أحد الأدوية السليمة، ليس مثل (ألبراز) وهو الـ (ألبرازولام)، الألبراز بالمناسبة دواء مفيد جدا على المدى القصير، لكن على المدى البعيد لا ننصح باستعماله، لأنه قد يؤدي إلى التعود والإدمان، وأنت الحمد لله تعالى تناولته لمدة خمسة أيام فقط.
أنا أريد أن أقترح عليك دواء يسمى (اسيتالوبرام) هذا هو اسمه العلمي، ويسمى تجاريا (سيبرالكس) وربما تجدينه تحت مسميات أخرى.
أنت لا تحتاجين لدواء غيره، تبدئي في تناول الجرعة بمعدل نصف حبة – أي خمسة مليجرام من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تناولي هذه الجرعة لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلي الجرعة عشرة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم اجعليها عشرين مليجراما يوميا لمدة شهرين، ثم خفضيها إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.
يتميز السيبرالكس أنه دواء غير إدماني، وغير تعودي، فعال، لا يؤثر على الهرمونات النسائية، فقط أحد آثاره الجانبية أنه ربما يفتح الشهية قليلا نحو الطعام لدى بعض الناس، وإن حدث لك شيء من هذا فأرجو أن تتحوطي حتى لا يزيد وزنك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.