أعيش في غربة مشاعري ولا أعرف ذاتي

0 18

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أسأل الله أن يجعل هذا الموقع وكل ما تقدمونه من خير في ميزان حسناتكم - بإذن الله -.

لن أطيل عليكم بسؤالي، هذا الأمر يقلقني جدا، ومشكلتي مرتبطة ببعضها، ولا أعرف ما حلها؟

ونص السؤال هو كالآتي: عمري 17 سنة، وفي السنة القادمة سأصبح في أخر مراحلي الدراسية، ولا أعرف عن نفسي شيئا رغم محاولاتي، لا أعرف رغباتي ولا طموحاتي، وأشك في قدرتي على اتخاذ القرارات، لطالما اتخذت قرارات وندمت عليها.

والفراغ قاتلي الصامت رغم محاولتي لتعبئة يومي، ولكن يا أسفاه، والآن تركت ذنبا كنت قد أدمنت عليه، وأخاف من العودة له، لدي مخاوف، وضعف إيمان بعد أن هداني الله من شك مريب في ديني ونبيي، وفي الله عز وجل، وأظن بأنني ضعيف الشخصية، أشعر بالوحدة مع وجود الأصدقاء، وأخاف من بعض الأشخاص في مثل عمري دون سبب.

كل يوم يمضي ولدي مشاكل مع مشاعري، فهي لا تظهر بالشكل الكافي، وخاصة المشاعر الإيجابية، حاولت أن أحسن من نفسي و- الحمد لله - صرت أفضل مما كنت عليه قبل سنة، سؤالي باختصار: هل لدي فرصة بأن اتحسن واتطور ويقوى إيماني؟ وهل لدي أعراض مرض الاكتئاب أو الرهاب الاجتماعي؟

علما أنني لا أستطيع الذهاب إلى الدكتور النفسي.

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:


مرحبا بك - ابننا الفاضل - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونؤكد لك أننا في خدمة أبنائنا، ونسأل الله أن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو، وأن يحفظ علينا وعليك ديننا حتى نلقاه سبحانه وتعالى، فاسأل مصرف القلوب أن يصرف قلوبنا جميعا على طاعته.

سعدنا جدا بهذا السؤال الذي يدل على حرصا على الخير، وسعدنا جدا بتوبتك من تلك الأفكار، وأرجو أن تطارد دائما وساوس الشيطان، واحمد الله الذي رد كيده إلى الوسوسة، فإن كيد الشيطان ضعيف.

استعن بالله تبارك وتعالى، وتوكل عليه، وتجنب الخلوة، واجتهد في صحبة الصالحين، وأرجو أن تسترشد وتكون قريبا من بعض الدعاة والعلماء ممن هم حولك حتى تجد عندهم الإرشادات وتجد عندهم التوجيهات.

ونحن سعداء لأن شعور الإنسان بالخلل هي البداية الصحيحة للتصحيح، و - الحمد لله - الذي أعانك حتى تواصلت مع موقعك، ونشرف بأن نكون في خدمتك.

نوصيك بالآتي:
أولا: بكثرة الدعاء لنفسك، وسؤال الله الثبات.
الأمر الثاني: الاستمرار في طاعة الله تبارك وتعالى.
الأمر الثالث: تلاوة القرآن، فإنه يثبت الفؤاد، {كذلك لنثبت به فؤادك} كما قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم.
الأمر الرابع: عليك أن تبحث عن الصالحين المصلحين وتكون معهم دائما.
الأمر الخامس: أرجو أن تسترشد بتوجيهات معلم يخاف الله، أو عم، أو خال، أو والد، إنسان أكبر منك يعطيك التوجيهات.

كذلك أيضا أرجو أن تكتشف نقاط القوة التي وهبك الله تبارك وتعالى، وأعتقد منها هذا النضج الذي دفعك للكتابة إلينا، فإن الإنسان إذا عرف نعم الله عليه وأثنى على الله وشكر الله بها فإنه ينال بشكره لربه سبحانه وتعالى المزيد.

كذلك أيضا اجتهد دائما في أن تنظر للحياة بنظرة إيجابية، فإن الإنسان عليه أن يؤمل الخير، وتجنب التشاؤم، واحرص دائما على ملء فراغك بالأعمال الصالحة، وبالهوايات النافعة المفيدة.

استمر كذلك في محاولة التحسين من نفسك، وتبدأ بثقتك بالله، وإكمال عناصر الإيمان في نفسك، ونؤكد أن فرص التحسن أمامك كبيرة والتطور أمامك كبير، والإنسان يقوي إيمانه بالذكر والصلاة وتلاوة القرآن وفعل الخيرات.

وأعتقد أنك إذا واظبت على هذه التوجيهات لا أظن أنك ستحتاج للذهاب للطبيب النفسي، وأؤكد أنه لا حرج في أن يذهب الإنسان للطبيب، لكن أنت طبيب نفسك، وذكر الله هو سبب للطمأنينة، {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، ثم عليك بالصبر والرضا بما يقدره الله تبارك وتعالى، واجتهد (أخيرا/الوصية الأخيرة)، بأن تنظر دائما في أمور الدنيا إلى من هم أقل منك، وانظر في أمور الآخرة إلى من هم أفضل منك لتتأسى بهم في صلاحك، أما في أمور الدنيا فالإنسان إذا نظر إلى من هم أقل منهم فإنه سيجد نفسه في نعم من الله لا تحصى ولا تعد.

نسعد بالاستمرار في التواصل مع الموقع بعد تنفيذ هذه التوجيهات، التي أرجو أن تكون وصلتك بوضوح، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات