الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتوقف عن التعلق بالآخرين؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة في السنة الأولى في الجامعة، مشكلتي أنني أعجب بأي شخص أراه، على الرغم من أنني لا أطيل النظر، وأتمنى الزواج، ولكن لا أستطيع؛ لأن هناك من هم أكبر مني من إخوتي، كما أنني لست جميلةً؛ فأنفي كبير، لذلك أشعر بأن هذا الأمر لن يحدث، مع أنني أدعو الله، وأعلم أنه يحقق المستحيلات، ولكن هذا الأمر يشغل تفكيري، ويبعدني عن المذاكرة، فأحاول أن أستمع لمحاضرة شيخ، ثم أرجع للكتاب، ولا ألبث حتى تمر على ذهني خاطرة أخرى.

المشكلة أن هذه الأفكار تأتيني عندما أكون وحدي، ولا تنتابني عندما تكون زميلتي في السكن موجودة معي، وللأسف أنها لا تتواجد إلا يومًا أو يومان، فما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مرمر حفظك الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب.

اعلمي -أختي- أن الإعجاب يعتبر ظاهرةً إنسانيةً طبيعيةً، ومن الطبيعي أن الإنسان يعجب بكل ما يتميز به الآخرون، ولا يكون الإعجاب سلبيًا إلا عندما يتجاوز الحد الطبيعي، أو يصل إلى حد التعلُّق الذي يقطع الإنسان عن ممارسة حياته الطبيعية.

كذلك اعلمي أن مقاييس الجمال نسبية؛ فكل إنسان ينظر إلى زاوية تختلف عن الآخرين، فهناك من ينظر للشكل، وهناك من ينظر للأدب، والدين، والأخلاق، وهكذا، فلا تيأسي من فضل الله وكرمه، فكل إنسان جعل الله له ما يتميز به.

أما الزواج فما يُقدِّره الله تعالى عاقبته خير لمن صبر واحتسب الأجر عند الله، يقول تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم، وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شر لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون).

أما بخصوص قطع التفكير بالآخرين: فيمكنك ذلك بالتمرين والتكرار، وهذا يحتاج إلى تدرج، ووقت، مع مجاهدة النفس؛ فكلما شعرت بالتفكير المبالغ فيه بأي شخص، فعليك أن تبادري إلى تشتيت التفكير به، عبر ممارسة أي نشاط يتطلب تفكيرًا، وجهدًا عقليًا، كالقراءة، أو النشاط البدني، كذلك حاولي عدم الإكثار من الخلوة بنفسك؛ فالخلوة تساعد على الاسترسال في التفكير، كما يمكنك الانشغال بمهام، أو مهارات تستغرق تفكيرك وفراغك، ولا تعطي مساحةً للتفكير بالآخرين، مثل: الأعمال التطوعية، واللقاءات التفاعلية كالمحاضرات، وغيرها من الأمور النافعة.

كذلك من الأمور المهمة: ينبغي عدم تضخيم الإعجاب بالآخرين؛ فكل البشر يعتريهم الضعف والقصور، ولا نرى منهم سوى الظاهر الجميل، وعند النظر للآخرين من هذه الزاوية، يتبين لك أنه ما من بشر إلا ويعتريه النقص والحاجة، وتخيل الكمال أو المثالية في الآخرين يوقعنا في التعلُّق، والإعجاب المبالغ فيه.

كذلك -أختي- ننصحك أن يكون لديك ثقة بنفسك، وما أعطاك الله من نعم لا تعد ولا تحصى، وحرم منها آخرين، فعليك أن تنظري إلى من هم أقل منك وأكثر حاجةً، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله) رواه مسلم.

أخيرًا -أختي الفاضلة- ننصحك بالإكثار من الدعاء، والتضرع لله أن يُذهب عنك هذا التعلق، وأن ييسر لك الزوج الصالح، وأن يشغلك بطاعته وذكره، وأن يعينك أن تشغلي وقتك بكل مفيد ونافع، يقربك إلى الله تعالى.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً