السؤال
أنا فتاة عمري 18 عاما أدرس الطب البشري بعيدا عن عائلتي.
تم قبولي في جامعة بعيدة عن أهلي في دولة أخرى تخصص الطب البشري، أنا لا أحب هذا التخصص أبدا لكن قبلت الأمر الواقع؛ لأن أهلي يرغبون لي دراسة الطب وليس لدي خيار آخر، لكن بعد وصولي وبداية الدراسة اكتشفت أن الدراسة صعبة جدا وكنت بطيئة للغاية وحصلت معي أمور كثيرة.
اشتقت كثيرا لعائلتي كنت أبكي كل مرة في المساء قبل النوم لأني كنت أتذكر أيامي قبل الجامعة، وما حصل أنني لم أدرس جيدا، وكنت أقوم بتأجيل الاختبارات، وأنام لساعات طويلة، وكنت لا أحب أن أتصل بأهلي؛ لأني كنت ومازلت أشعر بالخزي من نفسي، ولم أذاكر جيدا منذ بداية العام، وقد مر الآن عدة أشهر ولم أحقق أي شيء، وأنا واثقة بأني سأرسب.
وأيضا أصبحت لا أقوى على فعل الأشياء العادية التي كنت أفعلها من قبل، مثل تسريح شعري، وترتيب الغرفة، والتنظيف، والطبخ، والدراسة، كل ما أفعله هو النوم والطلب من المطاعم، وفي البداية كنت لا أفعل أي شيء سوى النوم والأكل لعدة أشهر، ولكن بعدها بدأت بمشاهدة العديد من البرامج والأمور التافهة لوحدي، ولم أكون صداقات لفترة طويلة (الآن لدي ولكن لا أكلمهم كثيرا).
والآن أصبحت مقصرة في الصلوات والقرآن والأذكار، مع أني كنت في السابق طالبة مجتهدة، وكنت ملتزمة بالأذكار، وقراءة القرآن والأذكار، حتى البرامج التي كنت أحبها والهوايات مثل الرسم...إلخ، لم أعد أقوم بها!
في البداية كنت أتمنى تغيير تخصصي الجامعي من الطب إلى هندسة البرمجيات أو الأمن السبراني، لكن الآن أريد فقط العودة للبيت، ولم أعد أعرف ماذا أعمل!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك بنتنا الفاضلة في الموقع، ونسأل الله أن يردك للحق وللخير، وأن يبعث في نفسك الهمة العالية، وأن يبعد عنك شر كل ذي شر، وأرجو أن تعلمي أن المطلوب الآن هو العودة إلى الله، والعودة إلى الصلاة، والأذكار، والطاعات، والتقرب إلى رب الأرض والسماوات، فإن مسيرة التصحيح تبدأ بإصلاح ما بينك وبين الله تبارك وتعالى، الذي بيده ملكوت كل شيء، الذي يوفق للخيرات سبحانه وتعالى.
ثم اعلمي أن أهلك يمكن أن تتصلي بهم وتعودي إليهم، لكن رغبة الأهل ومصلحتك في أن تقبلي على دراستك، وأن تستأنفي حياتك العلمية بأمل جديد وبثقة في ربنا المجيد سبحانه وتعالى.
واعلمي أنه ليس في الدراسة أمر صعب، لأن وصولك إلى هذا التخصص وإحرازك للدرجات دليل على أنك وبسهولة – بعد توفيق الله – تستطيعي أن تتجاوزي هذه الصعوبات، والإنسان لابد أن يدرك أن في الحياة تضحيات، وأن مفارقة الأهل من أجل المعالي ومن أجل تحقيق الأمور العلمية والأمور الحياتية، بل هذه سنة الحياة، فالناس يجتمعون ثم يفترقون، ولكن بعد أن يفترقوا يكونوا مجموعات أخرى فيها التآخي في الله تبارك وتعالى.
فابحثي عن صديقات صالحات يكن عونا لك على الصلاة والصلاح، وأيضا يكن عونا لك بعد ذلك على دراستك، وعلى استمرار مسيرتك العلمية.
أكرر دعوتي لك بأن تتوبي إلى الله تبارك وتعالى مما حصل من التقصير، ولا مانع من أن تطلبي مساعدة الأهل ومساعدة الصالحات من المعلمات والزميلات، حتى تستأنفي حياتك بطريقة جديدة وبطريقة فيها أمل وثقة في الله تبارك وتعالى.
ونكرر لك التأكيد مرة أخرى أنك قادرة بإذن الله على استئناف هذه المسيرة، والحمد لله أنت في البدايات، والتدارك ممكن، ولا إشكال في الأمر، فقط أنت تحتاجين إلى تنظيم الوقت، وطلب المساعدة من الزميلات، والانتباه للمحاضرات، وعمل الملخصات، كذلك أيضا التوجه قبل ذلك بالدعاء والذكر والإنابة لرب الأرض والسماوات، فإن الأمر بيده سبحانه وتعالى، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
فلا تتركي فرصة لهذا التراجع المستمر إلى الوراء، واعلمي أن الإنسان يتعرض لبعض المواقف، وتقابله عقبات، وليس هنا الإشكال، فالحياة لا تخلو من الأكدار، جبلت على كدر وأنت تريدها صفوا من الأكدار والأقذاء، ومكلف الأيام فوق طباعها متطلب في الماء جذوة نار، لكن الإشكال هو أن نستسلم، الإشكال هو أن نتوقف، الإشكال هو أن نتراجع، وهذا ما نريد أن يتوقف، والبداية بأن تصححي وتصلحي ما بينك وبين الله، فعودي إلى الصلاة، وعودي إلى الصلاح، ثم فكري ما فيه المصلحة والخير، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والنجاح.