السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
ما هي كيفية التعامل الصحيح مع الإخوة الصغار؟ خصوصا أنهم يعانون من مشاكل، مثل عدم عثورهم على أصدقاء، وعدم اهتمام والدهم بهم، وأنا لا أدري كيف أتعامل معهم، فمثلا أكبر أخواتي علاقتي بها سطحية جدا، وقمت عن جهل بإفسادها أكثر، وكانت في فترة تعاند كثيرا، وتفعل المحرمات، وترفض أشياء أساسية، مثل: الدراسة، ولم تبدأ بتغيير نفسها إلا عندما لم تحصل على درجة النجاح في بعض المواد، وتكثر من المشاكل مع الباقي، ونصحتها كثيرا.
أما باقي الإخوة الصغار فهم أخلاقيا فاسدون، فهم دائما يسبون، ويقومون بحركات مقرفة - مثل إطلاق الريح - وهم في المسائل الدينية لا يتبعون سوى أبي وأمي، وأبي وأمي لا يسمعان مني أصلا في هذا المجال، وأصغرهم كسول، ولا يريد البدء في الصلاة.
إضافة إلى مشاكل أخرى مع والدي: فأبي لا يهتم بي مثل المطلوب، ولم يعلمني سوى القليل، وكان أغلب الوقت في العمل، ولا أراه، وترك علاقتي بي لتكون سيئة، وجعلني لا أفتح أي موضوع معه، خصوصا المواضيع المهمة التي معرفته بها قد تفيدني، مثل التعامل مع الشعور بالشهوة، وعند بداية ظهورها، ولكن مع ذلك ظل بعيدا عني، وكل أسلوبه استهزاء، وعدم احترام؛ مما جعلني لا أفتح معه أي موضوع، وجعلني تائها لفترة طويلة، ولم أفهم إلا بعد وقت طويل لوحدي.
وأمي رغم كل ما فعلته لي إلا أن لها أكثر من موقف يجعلني أقلل من حبي لها، فهي من تمشي وراء عادات وتقاليد المجتمع، وهذا يجعلني أخالفها أكثر من مرة.
باختصار علاقتي بعائلتي سيئة جدا، وهناك شعور بداخلي يتمنى زوالهم، والتخلص منهم، فبماذا يفسر هذا الشعور؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - ابننا الفاضل - في الموقع، ونشكر لك التواصل والاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يجعلك سببا لصلاح أسرتك، وأن يصلح لنا ولك الأحوال.
أولا: نحمد الله أنك وصلت إلى عمر تستطيع أن تفهم فيه وتؤثر، ودورك كبير في الإصلاح، ولكننا ندعوك إلى أن تبدأ باحترام الوالدين والقرب منهم، والاجتهاد في برهم، حتى تكسبهم أولا، ولا تحاسب والديك على ما حصل من التقصير، ولا تحاسبهم على مواقف محددة، فقد يكون سببها قلة العلم، وقد يكون سببها ضغوطات الحياة، ليس معنى هذا أننا نعتذر لهم، ولكن نؤكد أن من البر الصبر على الوالد والصبر على الوالدة.
ثانيا: عندما تريد تقديم النصيحة لهم ينبغي أن تغلفها بالبر، وأن تتلطف في الأسلوب كما فعل الخليل إبراهيم عليه السلام: {يا أبت ... يا أبت ... يا أبت ... يا أبت ...} في منتهى اللطف.
ثالثا: من النقاط المهمة أن تحاول أن تكون في خدمة إخوانك وأختك الكبرى، دائما تكسبهم، قبل أن تنصح لهم لابد أن تكون لك مواقف معهم. أما بالنسبة للصغار فتلطف معهم، وحاول أن تشاركهم في اللعب، وحاول أن تؤثر عليهم بإحسانك، والأمور التي يحدث فيها خلل أرجو كذلك أن يكون التوجيه بلطف، إذا كان أفراد الأسرة سلبيين فينبغي أن يكون النصح بينك وبين هذا الذي أخطأ من إخوانك، ولا تجعل نصائحك عالية وتثير إشكالات في البيت، فإن هذا يقوي الباطل، ويجعل الوالد والوالدة يدافعون عن هؤلاء دون وجه حق.
رابعا: اجتهد – وهذا مهم جدا – في أن تكون أنت قدوة لهم، في أن يشعروا بأنك ولله الحمد بالتزامك وأدبك وحرصك تقدم لهم النموذج الرائع، والحمد لله أنك عرفت الحق، ونوصيك بالتواصل مع المعلمين الفضلاء، ومع إمام المسجد، والبحث عن الأصدقاء الصالحين؛ فإن الصديق الصالح مكسب للإنسان وضمانة بعد توفيق الله تبارك وتعالى، وهنيئا لمن وجد صديقا صالحا يذكره بالله إذا نسي، ويعينه على طاعة الله إن ذكر.
وعليه: فنحن ننتظر منك القيام بأدوار جميلة في إصلاح الأسرة، ونرفض أن تكون محبطا أو يائسا، ونؤكد لك أن التأثير سيكون كبيرا عندما تتابع هذه الخطوات وتتابع مع الموقع، ونسأل الله أن يجعلك سببا لصلاح الأسرة، وأن يهدينا جميعا، وأن يجعلنا سببا لمن اهتدى، ونسأل الله أن يزودك التقوى، ونوصيك بكثرة الدعاء واللجوء إلى الله وطلب العلم الشرعي، فإن هذه مفاتيح للخير والإصلاح. واعلم أن الوصول إلى قلوب الناس يحتاج إلى كلمة طيبة وأسلوب جميل واختيار الوقت، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.