نفسي لا تتوقف عن الوساوس وأخشى أن يكون الله غير راض عني!

0 30

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة كثيرة الذنوب، وأنعم الله -عز وجل- علي بالتوبة -ولله الحمد-، وتبت إلى الله بفضله ورحمته، ومنذ توبتي إلى الله أصبت بعدة وساوس قهرية -عافاكم الله- لم أكن أعلم في البداية ما الذي يحدث لي، ولكن بعد بحث وبفضل الله عرفت، أصبت بوساوس في العقيدة، ووساوس في ذات الله سبحانه وتعالى عن كل شيء، ووساوس الخوف من الذنوب التي قد تبت منها، ووساوس الخوف من الفتنة... الخ، ولله الحمد إن كان هذا ابتلاء من الله فإني والله راضية، ولكن كثيرا أخشى أن تكون مني، وأن يكون الله غير راض عني، أخشى هذا، وكيف أثاب على تلك الوساوس رغم بشاعتها!

أحب الله كثيرا، أكثر من أي شيء، أنعم علي بكل شيء، ولم يحرمني من شيء، نعم الرب هو وبئس الأمة أنا، أخجل من نفسي بسبب سوء أخلاقي مع كرم الله علي، على الرغم أنني والله أحاول وأحاول كثيرا ولكن نفسي سيئة لا تتوقف عن الوساوس، فهل يحبني الله؟ هذا كل ما أرجوه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رابحة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم لتواصلكم معنا وثقتكم بموقعنا.

كلنا مذنبون، وكلنا ذوو خطأ، وكل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، لست وحدك على هذا الدرب، بل كل البشرية كذلك، الفرق بينك وبين بقية المسلمين هو أن لديك حساسية إيمانية عالية، فصاحب الوساوس القهرية هو أقوى الناس إيمانا بشهادة رسول الله ﷺ عندما جاءه بعض الصحابة يشكون إليه ما يجدونه من ألم الوسواس القهري فقال لهم: "أوجدتموه؟ ذاك صريح الإيمان"
لذلك لا تقلقي على إيمانك، بل نحن من ينبغي أن يقلق على إيمانه وليس أنت!

ونرجو أن تتأملي الحديث التالي الذي رواه الصحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي فيما يحكي عن ربه -تبارك وتعالى، قال: أذنب عبد ذنبا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال الله -تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي، فقال -تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي، فقال -تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي، فليفعل ما شاء"متفق عليه.

فطالما كان هناك مجال لقبول التوبة، فلا خوف ولا قلق من الذنوب!

الوسواس القهري مرض من ضمن الأمراض التي يبتلي الله بها عباده، شأنه كشأن الصداع والحرارة وسواهما، والمرض يكفر الذنوب، فأنت في الواقع مأجورة على مرضك هذا، وعداد الحسنات يعمل باستمرار، لذلك لو كان هناك شخص يمكن أن يحسده الناس على حسناته التي يحصدها باستمرار لحسدوا مريض الوسواس القهري، نظرا لما يجده من الألم النفسي، والأجر على قدر الألم والتعب.

نصيحتي لك أن تتوجهي لمقابلة أخصائي نفسي إن كان ذلك متيسرا لك، حتى يشخص مشكلتك، ويساعدك على تخطيها.

أخيرا: نؤكد لك بأن الله تعالى يحبك، والدليل على ذلك أنه ابتلاك بهذا المرض، ونختم بهذا الحديث الذي يدلل على هذه الحقيقة:
روى الترمذي وصححه، وابن ماجه عن مصعب بن سعد، عن أبيه، قال: " قلت : يا رسول الله ، أي الناس أشد بلاء؟ قال: (الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة).

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مواد ذات صلة

الاستشارات