أشعر بالحرج من ممارسة الشعائر الدينية أمام غير المسلمين

0 37

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعيش في بلد غربي بين غير المسلمين، أعلم أن الإسلام هو الحق، ولكنني أشعر بأنني أعيش بشخصيتين هنا، ففي البيت حيث الحرية الدينية الأكبر أتكلم بطريقة ملتزمة، أما عندما أخرج أواجه صعوبة نفسية في البقاء على ما أنا عليه من حيث الفكر، وبعض السلوكيات، فمثلا أجد من الصعب جدا أن أصلي في الخارج خصوصا إذا لم يكن هناك سعة من المكان، أو غرف مخصصة لذلك، بل وأراه أيضا من الصعب أن أسأل في المستشفى عن مكان يمكنني الصلاة فيه، وأخاف من عدم وجود مكان، وأن ينظر إلي بأنني متشدد أو ما شابه.

كذلك في محادثاتي مع الأصدقاء فإننا قلما نتحدث عن الدين، وأنا لا أبدي أو لا أعرف عن نفسي بأنني مسلم إلا حتى يكون هناك أمر يدفعني لذلك مثل: أنني لا أشرب الخمر، أو أصلي... وإلخ، بينما داخليا أتمنى لو كانت ثقتي بديني ونفسي قوية بما فيه الكفاية لأدعو هؤلاء إلى الدين، وأحذرهم من دخول النار.

وقد حاولت ذلك مرة أو مرتين عن طريق النقاش ولكن بشكل غير مباشر، وما لاحظته هو أن نبضات قلبي تسارعت بشكل كبير، وصار من الصعب علي النطق بالكلام، وخصوصا لدي تخوف من أن أسأل عن المواضيع الحساسة كالجهاد، والنظام الجنائي، والعقوبات في الإسلام، رغم علمي الداخلي بأن ذلك كله حق وصحيح، ولا يوجد أفضل منه، مثالا آخر: أنا لدي لحية قصيرة، أما لو كنت في مكان ملتزم لربما كانت أطول قليلا، فما هي مشكلتي؟ ولماذا لدي هذا الحرج أمام المخالفين، وليس لدي عزة المسلم، وما سبيل حل هذه المشكلات؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نبيل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم لتواصلكم معنا وثقتكم بموقعنا.

يظهر لنا من كلامك أنك لا تعاني من قلة الثقة بالنفس، ولكن ربما تعاني من تشويش في كيفية التعامل مع غير المسلمين من الناحية الفقهية، ومن الطبيعي أن يكون لديك بعض التردد حيال ذلك بسبب عدم وضوح الأحكام الشرعية بشكل تام تجعلك تشعر بالثقة فيما تفعل.

لذلك نصيحتنا لك -أخي الكريم- أن تلجأ إلى الجهات المعتمدة للفتوى في أوروبا مثل المجلس الأوروبي للإفتاء، ولهم موقع على الإنترنت فيه بعض الفتاوى المتعلقة بفقه الأقليات، وفقه الهجرة والاغتراب عن الوطن، وكذلك تزور المساجد وتجالس الإخوة الفضلاء من الأئمة والمهتمين بالدعوة، فهم أعرف بهذه المواضيع وسيجيبونك عن تساؤلاتك.

أما بخصوص الصلاة في المستشفى وغيره، فيمكنك اللجوء إلى السؤال عن توفر مصلى من عدمه، أو في زاوية تصلح للصلاة، ولا تقلق من ذلك، فبحسب ما نسمع أن حرية التدين مكفولة للجميع، حتى وإن أخذ الموظفون عنك نظرة معينة وصنفوك بأنك مسلم، فهذا سيفيدك في دعوتهم إلى الإسلام، ولن تكون محتاجا للحديث معهم بالكلام، بل يكفي سلوكك والتزامك بأداء عملك على أكمل وجه، وأخلاقك الطيبة معهم، فالدعوة بالسلوك أقوى من الدعوة بالكلام.

وإذا سألت عن المصلى قد تجد بعض المسلمين يعملون معك في نفس المستشفى، وحينها يمكنك التعرف عليهم ومعرفة الكثير من تجاربهم حيال هذه الأمور.

كما يمكنك السؤال عن أقرب مركز إسلامي يمكنك الوصول إليه والتعرف من القائمين عليه على كل إجابات هذه الأسئلة التي طرحتها بحكم كونك جديدا على البلد وبحكم خبرتهم فيها.

لا تنس أن المسلم دوما يعتز بدينه، وهذا لا يعني التهور في طريقة العرض أو فرض انطباع عند غير المسلمين عنك، بل يكفي التعامل بالأخلاق الحسنة، والأداء السليم للعمل، فالناس سوف تقيم دينك بتقييم سلوكك، لا بتقييم كلامك، على أن الكلام ستكون مرحلة لاحقة بعد اكتسابك مهارات وخبرات جديدة في هذا البلد.

لا تشكك في قدراتك، وإنما قد تحتاج لمزيد من الإجابات عن تساؤلاتك من أشخاص سبقوك لهم خبرة في طبيعة البلد وأهلها، وألمانيا مليئة بالعرب وبالمسلمين، وإنما تحتاج للتحرك والسؤال عنهم حتى تفيد من مقترحاتهم وتجاربهم.

لا داعي لطرق مواضيع حساسة مثل الجهاد، فهي قد تضر في هذا السياق أكثر مما تنفع، فلسنا ملزمين بأمر الألمان بالجهاد! وإنما يكفي أن يعرفوا أن هناك دينا أوسع وأجمل اسمه الإسلام، فإذا ما أسلموا فإنهم سيتعرفون بأنفسهم على هذه المفاهيم وغيرها.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مواد ذات صلة

الاستشارات