السؤال
السلام عليكم.
أشكركم على هذا الموقع الرائع، وجزاكم الله كل الخير.
أود أن أطرح مشكلتي التي بسببها أصبحت حياتي جحيما لا يطاق، عمري ٢٧ سنة، أعزب، أعيش في ألمانيا، لا أعاني من أي مرض والحمد لله.
منذ حوالي شهرين دخنت أول مرة في حياتي السيجارة الإلكترونية، فأصبت بحالة تسمى صدمة النيكوتين، وعلى إثرها شعرت بحالة من الرهاب والهلع، وخفت كثيرا من الموت، وبدأ قلبي يتسارع في دقاته، حتى أنني أصبحت أنطق الشهادتين، كان يوما عصيبا، بقيت في المنزل خائفا لمدة يومين لا أخرج إلى العمل، أصبت بحالة من الكآبة والندم ولوم الذات على تلك الحالة، ثم بفضل الله تحسنت حالتي واستطعت أن أعود إلى عملي والحمد لله.
منذ حوالي الأسبوعين خرجت أقود السيارة وحدي، فأحسست بأن قلبي ينعصر، وبدأت دقاته تزداد، لم أعلم كيف استطعت أن أركن السيارة، واتصلت على الإسعاف الذي بدوره أخذني إلى المشفى، قام الطبيب بتخطيط القلب، وعمل تحليل لإنزيمات القلب، فكانت كل النتائج سليمة، لكن لم أعلم لماذا شعرت بالخوف والهلع؟
أخبرني الطبيب أن لدي حالة تسمى نوبات الهلع، وأن قلبي سليم، ولا توجد أي مشكلة، وطلب مني أن أذهب إلى دكتور العائلة الذي بدوره وصف لي دواء citalopram 10 ملغ بدات بتناوله خمسة أيام وبعده شعرت بقليل من التحسن، فخرجت أتنزه حول المنزل، فأصابتني نوبة هلع ثانية سقطت على الأرض، ولم أستطع العودة إلى المنزل ثم أتت سيارة الإسعاف مرة أخرى، وأيضا قاموا بنفس التحاليل ولم يظهر أي شيء، فأعطوني دواء اسمه lorazepam 1,0 ملغ، حينها استطعت أن أنام، ولكن بقيت الحالة تنتابني!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Anas حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
ما حدث لك وما وصفته بصورة ممتازة وواضحة جدا هو بالفعل نوبات هلع أو فزع – كما يسمى – والنيكوتين كان هو المثير في حالتك، ويظهر أنه أصلا لديك الاستعداد لهذه النوبات، وبالفعل معظم الذين يصابون بنوبة الهرع يذهبون إلى أطباء القلب أو إلى أقسام الطوارئ، ويتم التأكد من أن القلب سليم، لأن العلة أصلا هي علة نفسية مائة بالمائة، ولا علاقة لها أبدا بأمراض القلب أبدا.
أيها الفاضل الكريم: هذه النوبات قد تتكرر لدى بعض الناس، لكن الإنسان حين يتفهم أنها مجرد نوبة قلق حاد، وأنه يجب أن يتجاهلها تماما، وأن يطبق بعض التمارين الاسترخائية، تمارين التنفس المتدرجة: أن تأخذ شهيقا عميقا جدا عن طريق الأنف بقوة وببطء شديد، ويجب أن يستغرق هذا الأمر سبع إلى ثمان ثوان، بعد ذلك تحصر الهواء في صدرك لمدة أربع ثوان، ثم تخرج الهواء عن طريق الفم أيضا بقوة وببطء لمدة تستغرق أيضا سبع إلى ثمان ثوان، وهذا هو الزفير، فالشهيق والزفير يكرر بهذه الكيفية خمس مرات متتالية، بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء، وهذا سيكون علاجا مفيدا جدا بالنسبة لك.
ومن المهم تماما أن تعرف أن هذه الحالات بسيطة، وأنها حتى لو تكررت معك سوف تكون خفيفة جدا، وأنك ستتجاوزها تماما، فلا تشغل نفسك بها أبدا.
الأمر الآخر هو: أن تتناول الدواء. بالفعل عقار (اسيتالوبرام Escitalopram) وليس (سيتالوبرام Citalopram) الـ (اسيتالوبرام) أكثر قوة وفعالية، ونبدأ نحن دائما بجرعة خمسة مليجرام يوميا لمدة عشرة أيام مثلا، ثم تجعل عشرة مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى عشرين مليجراما.
فيا أخي الكريم: يمكن أن تراجع الطبيب لتعدل الجرعة، وتستمر على جرعة العشرين مليجراما على الأقل لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها بعد ذلك إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، وهذه سوف تكون جرعة علاجية، بعدها الجرعة الوقائية، وهي: عشرة مليجرام يوميا، وبعد انقضاء الثلاثة أشهر اجعل الجرعة خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تناول هذه الجرعة لمدة شهر، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
الاسيتالوبرام دواء سليم، دواء فاعل جدا، وسوف تجد إن شاء الله منه خيرا كثيرا، ويجب أن تستصحب التجاهل مع تطبيق تمارين الاسترخاء لعلاج الحالة.
أما بالنسبة لـ (لورازيبام Lorazepam): طبعا هو ينتمي لمجموعة من الأدوية تسمى البنزوديازيبين (Benzodiazepines)، هي فعالة جدا لإجهاض القلق الحاد والهلع الحاد، كما أنها تحسن النوم جدا، لكن طبعا لا نفضل أن يستمر الإنسان على هذا الدواء كثيرا. هذا من ناحية.
من ناحية أخرى: بعض الناس أيضا يتناولون عقار (إندرال Inderal) والذي يعرف علميا باسم (بروبرانولول Propranolol)، دواء ينتمي لمجموعة من الأدوية تسمى (كوابح البيتا)، ومهمة هذه المجموعة تخفيض إفراز الأدرينالين في الدم، وذلك من خلال تثبيط الجهاز العصبي اللاإرادي، وحين ينخفض الأدرينالين أو يكون في معدله الطبيعي لا يحس الإنسان بتسارع في ضربات القلب. بعض الناس يضيفون الإندرال إلى الاسيتالوبرام، فيمكنك أن تتناوله بجرعة عشرة مليجرام صباحا ومساء لمدة شهر، ثم عشرة مليجرام صباحا لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الإندرال.
فإذا هذه هي النصائح الأساسية، وأقول لك: حاول أن تتجنب الفراغ، أن تتجنب السهر، لا تكثر من تناول الشاي والقهوة - وغيرها من محتويات الكافيين - ولا تتناولها بعد الساعة السادسة مساء، وحافظ على أذكار النوم الوضوء قبله، ولا تمارس رياضة في الليل ثم تحاول النوم بعده، ولا تأكل طعام العشاء في وقت متأخر من الليل، وتجنب الأكل الدسم ليلا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.