السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب ملتزم أعمل في محل لبيع ألعاب الأطفال، أحب الصبيان، ولدي ما يشبه صداقات مع أطفال أعمراهم ما بين 8-14 سنة، حيث أنني أمزح معهم كثيرا وألاطفهم وأعطيهم هدايا وحلوى، وكثيرا ما يأتيني أولاد يسكنون بالقرب من المحل، ويجلسون قليلا من الوقت معي، فأنا أحبهم ويحببونني، وأسعد برؤيتهم كثيرا، فأمزح معهم ويمزحون معي كثيرا.
لاحظت أن الناس بدأوا ينظرون لي نظرات وكأنني أتحرش بالأطفال -والعياذ بالله- مع أنني بعيدا كل البعد عن هذه الأفكار، وأنا مطمئن على نفسي -بإذن الله- من هذه الناحية، ولكنني أحب الأطفال كثيرا حبا طاهرا، ولا أريد منهم أي مصلحة، أو شيء سوى أن أراهم بخير وسعداء دائما، فهم مخلوقات بريئة لا تعرف معنى النفاق والحقد والتلون، وهم دائمو الابتسامة، وجلوسهم معي ينسيني همومي، وأشعر براحة نفسية كبيرة.
لا أكترث لنظرة الناس لي لحبي للأطفال وحديثي معهم، وأحاول قدر الإمكان تقليل الوقت الذي يجلسون فيه داخل المحل، هل هناك خطأ فيما أقوم به؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونحيي هذه الرغبة في الخير، ونسأل الله أن يسعدك كما حرصت على إسعاد هؤلاء الأطفال، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
لا شك أن الإنسان ينبغي أن يحب الصغار، وهم رمز البراءة ورمز الصفاء ورمز الحب، وعليه أن يحول هذا الحب إلى نصائح وإلى إرشادات بالنسبة لهم. ومعلوم أن الشباب في هذه السن فعلا هم على الفطرة ويحتاجوا إلى من يحافظ عليهم ويحفظهم.
ونحب أن ننبه إلى أن الإنسان أيضا ما ينبغي أن يضع نفسه في مواضع التهم، ليس معنى ذلك أننا نريد منك أن تتوقف عن هذا الخير وعن هذه الإهداءات وهذا الظرف مع الصغار، ولكن من المهم جدا ألا تنفرد ببعضهم، بل يكونوا دائما مجموعات.
والأمر الثاني: سعدنا أنك لا تحب أن يجلسوا عندك طويلا، وكذلك أيضا ينبغي أن يكون هذا الجلوس في مكان بارز، حتى لا نتيح فرصة للناس يسيئوا الظن، ونوقعهم بذلك في الإثم، والناس بكل أسف يسيئوا الظن حتى في من هو طاهر السريرة، وفي من هو صاحب نية صالحة، والإنسان ما ينبغي أن يضع نفسه في مواضع التهم، وهذا كان واضحا في حرص السلف حتى في ضوابطهم في تعليم الصغار، كانوا يحرصوا على ألا ينفرد المعلم بطالب، وإنما يكون مع هذه المجموعة، وأن تكون أماكن التعليم في أماكن مفتوحة مكشوفة على الطرقات الرئيسية، كل ذلك ليس لأن المعلم -حاشاه- سيئا، ولا ليس لأن كل الناس سيئين، ولكن لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.
فإذا كنت أنت -ولله الحمد- قد نجحت في أن تكون العلاقة صافية، فنفوس الناس لن تكون صافية، ولذلك ينبغي ألا نعطي فرصة لإساءة الظن، والإنسان يجتهد في أن تكون أموره على منتهى الوضوح، ومعلوم أن هؤلاء الصغار أيضا قد تكون فيهم مسحة أو لمسة من الجمال، لأنهم في نضارة وأيام العمر الجميلة المشرقة التي ليس فيها مشكلات، وبالتالي نحن نوصيك أن تستمر وأن تزيد من حرصك، يعني -كما قلت- أن تقلل من الوقت الذي يجلسوا فيه، ونحن نزيد عليه: ينبغي أن يكون هذا الجلوس منهم جماعي، وإذا كان معك واحدا تخرجا إلى خارج المكان وتجلسا، لأن هذا أدعى لإبعاد سوء الظن، وأحفظ لك وهؤلاء الأطفال أيضا كما قلنا، فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، والشيطان له مداخل كما قال النبي -وبالنسبة للناس-: (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا) أو قال: (شيئا)، فأشار النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الشيطان يقذف في القلوب مثل هذه الظنون وهذه الشرور.
وأيضا الشيطان يستفيد من هذه الفرص، فربما تكون سببا للاتجاهات أخرى، أو تتغير هذه النية بكثرة الجلوس مع هؤلاء الصغار.
ولذلك نحن نشكر لك هذا الحرص الذي دفعك للسؤال، وهذا دليل آخر على أنك طاهر النفس حريص على الخير، ولكن نريد أيضا أن ننبه إلى أن الإنسان يأخذ من الاحتياطات ما يبعد عنه كيد الشيطان، ويأخذ من الاحتياطات أيضا ما يفوت الفرص على من يريد أن يسيئ الظن، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يحفظك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.