السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا قلقة اجتماعيا، أشعر أني ساذجة ولست متمرسة بما هو بديهي للآخرين، لأني لم أمارسه، كالخروج وحدي، وتلبية احتياجاتي بنفسي، ثقتي بنفسي متدنية، كما تقديري لذاتي، حتى أني أظهر أمام الناس كأني لست كفئا لأي مقارنة بيننا لأنهم دوما أفضل مني، مع نفسي أنا أفضل حالا، بينما كل ما دخلوا الناس في الصورة كأني أنصرهم علي فقط لكوني أنا مقارنة بهم.
أنا لم أعهد من نفسي الجرأة على الدفاع عن نفسي بسهولة، لأني كنت أتألم كثيرا في سبيل ذلك، فأتجنب ذلك، يشفق علي أهلي لأني مريضة ولا أستطيع الاستغناء عنهم، كما لا أستطيع إسعاف نفسي بأساسيات العيشة الكريمة، وإخوتي الصغار لا يحترموني وأنا أكبر منهم، كما أني لست مستقلة، بل أعتمد على والدي.
أخاف أن أذهب إلى الجامعة إلا أني مضطرة، أنا أخاف أن أضيع في الجامعة، وأخاف أن يتعرف على صفاتي الناس، أستطيع الحديث لكني لا أقدر على المبادرة، أخاف من الرجال.
أنا كسولة، أهملت نفسي وشكلي إلى درجة النفور والاستهزاء، لأني لا أرتاح في بيتي مع إخوتي الذين آذوني وضربوني وأهانوني كما أنهم يشفقون علي فقط، فماذا أستطيع فعله كي أعلو من هذا الذل؟ فإخوتي يذلوني بشفقتهم فيما أنهم تعدوا على نفسي وجسدي بالإهانات سالفا، كما أنهم يلمحون عني، أردت أن أتزوج حتى أبتعد عن شفقة إخوتي وتلميحاتهم إلى بداية جديدة سعيدة، لكن عدم اهتمامي بنفسي منفر، فلا أظن أن ذلك متوفر لي، فما نصيحتكم؟
جزاكم الله خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شهد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك التواصل والسؤال وحسن العرض للمشكلة، ونعتقد أن هذه بداية موفقة، ودليل على أنك ستخرجين مما أنت فيه، بل نعتقد أن الجامعة فرصة جديدة لعالم جديد تظهري فيه بصفحة جديدة، والإنسان ينبغي أن يدرك أن الناس جميعا لهم نقاط قوة ونقاط ضعف، وأنت واحدة من هؤلاء، فاكتشفي ما وهبك الله تبارك وتعالى من نقاط القوة ومن الملكات الجميلة، ثم اجتهدي في تنمية الجوانب الأخرى.
ونحن نخطئ في حق أنفسنا ونظلمها عندما نحقرها ونعظم الآخرين، مع أن الآخرين الذي يظهر منهم هو أحسن ما عندهم، لكن عندهم نقاط ضعف أيضا اجتهدوا في إخفائها.
كما أرجو طي صفحات الماضي، وأرجو ألا تقفي طويلا أمام ما يحدث في داخل البيت، وتجنبي الذكريات السالبة، إذا ذكرك الشيطان بما كان من ضعف أو بما كان من عدوان عليك أو احتقار لك، فعليك أن تتجاوزي ذلك وتنظري إلى الأمام، نريدك أن تنظري للحياة بأمل جديد وبثقة في ربنا المجيد.
واعلمي أن أهلك يحاولون أن يساعدوك، لكن في المقابل تستطيعين أنت أن تقدمي لهم أيضا المساعدات، والإنسان دائما ينفع وينتفع، لا مانع من أن يساعدك الإخوان، لكن عليك أن تسعي أيضا في مساعدة الصغير والكبير بما تستطيعي.
ولا تقفي أمام كلامهم، وأنت تقولين أنهم يشفقون عليك ويريدون لك وضع أفضل، ونؤكد أن الانتقال للجامعة والانتقال إلى حياة جديدة، كل هذه فرص للإنسان ليبدأ صفحات جديدة في حياته، وعليك أن تحسني اختيار الصديقات الصالحات، فإن هذا أيضا عون لك على الخروج مما أنت فيه.
أنت لست ذليلة، ولا تظلمين نفسك بمقارنتها بالأخريات، واعلمي أن الأخريات – كما قلنا – لا يظهرن إلا أحسن ما عندهن، ويخفين جوانب الضعف، فلا تظهري ضعفك، بل أظهري ما عندك، والحمد لله أنك تستطيعين أن تتكلمي وتواجهي.
أما عدم التعامل مع الرجال فهو عمل إيجابي وليس سلبيا، والبعد عن الرجال فيه الخير، حتى يأتي الرجل الذي يمكن أن تكملي معه مشوار الحياة. لا تظني أن من يتكلمن مع الرجال ويتشدقن ويرفعن أصواتهن على الحق والصواب، بل الاعتدال في ذلك، وقوة المرأة في حيائها ودينها، وورعها في بعدها عن مواطن الرجال، وهذا ما تريده الشريعة.
ما حصل من أذى من إخوانك أو ضرب أو إهانة أرجو – كما قلنا – ألا تقفي عنده طويلا، بل عليك بطي تلك الصفحات، ونسأل الله أن يعينك على الخير، ودائما كوني قريبة من الوالدة، وقريبة من الوالد، واجتهدي في مساعدة الآخرين ليكون العظيم في حاجتك.
في الجامعة أيضا حاولي أن تشاركي في أعمال طوعية، ومؤسسات وجمعيات خيرية، أو جمعيات للأخوات الفاضلات، في التلاوة، في العمل، في مساعدة الفقراء والمحتاجين، فإن هذه أبواب يستطيع الإنسان أن يتطور فيها اجتماعيا ويخرج ما عنده من الخير، وخير الناس أنفعهم للناس.
نسأل الله لك التوفيق والسداد.