هل حسن الظن بالله يعني دائما تحقيق ما تحب أو تريد؟

0 35

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

عندي استفسار في ما يخص حسن الظن بالله.

يقول الله تعالى في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن خيرا فله، وإن ظن شرا فله".
ويقول تعالى في القرآن الكريم: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

فهل يعني هذا أنه يمكن للعبد أن يظن بالله خيرا فيكون له ما يكره (وهو في ظاهره شر لكنه خير)؟

فهناك من يجتهد ويحسن الظن بالله ولا ينجح، وقد يحتار لماذا لم ينجح وقد أحسن الظن بالله، ولكن عليه أن يؤمن أنه حصل على ما هو خير له وهو الفشل، ولم أجد الكثير ممن تكلم في هذا الموضوع مما أربكني!

فالجميع يقول أحسن الظن بالله ولك ما تريد، يقول ابن القيم: ' لو أن أحدكم هم بإزالة جبل وهو واثق بالله لأزاله'.

أرجو منكم أن توضحوا لي الأمر لكي أعلم كيف أعمل بحسن الظن بالله في حياتي، وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحسن الظن بالله عند عدم تحقيق المراد؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك التواصل والاهتمام والسؤال، وإنما شفاء العي السؤال، ونسأل الله أن يملأ قلبك إيمانا وخيرا، وأن يجعلنا وإياك ممن إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر.

المؤمن ينبغي أن يحسن الظن بربه تبارك وتعالى، ويوقن أن ما يقدره الله هو الخير، قال عمر بن عبد العزيز: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار)، وقال الفاروق عمر: (لو كشف الحجاب ما تمنى الناس إلا ما قدر لهم)، فالإنسان ينبغي أن يحسن الظن بربه، ويوقن أن الأمور ليس بظاهرها، يعني: أحيانا، كما جاء في الآية: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم}، فإن الإنسان قد يمنعه الله الشيء وهو يحبه، لأن في إجابة هذا الشيء ضرر عليه، فقد يسأل الإنسان أموال فلا يعطاها، لأن العليم الذي لا تخفى عليه خافية يعلم أن هذا العبد لو وضعت الأموال في يده سيترك صلاته ويقطع رحمه ويبتعد عن إخوانه ويؤذي عباد الله، وقد يستخدم الأموال فيما لا يرضي الله، بالتالي الذي يقدره الله هو الخير، كل ما يقدره الله هو الخير، والذي حجبه هو الشر.

فالإنسان عليه أن يحسن الظن بربه ثم يرضى بما يقدره الله تبارك وتعالى عليه من الخير، وكما قلنا الأمور ليس بظاهرها، وأيضا أحيانا قد تتأخر الإجابة، قد يتأخر ما يريده الإنسان من الخير،
والحكمة في ذلك والفائدة في ذلك أنه سيجزى على الصبر، ويجزى على الإلحاح في الدعاء، ويجزى على انتظار الفرج من الله تبارك وتعالى.

ثم اعلم أن الإجابة من الله تتنوع، فقد يسأل حاجة ويطلب حاجة فيعطيه الله، وقد يسأل فيرفع عنه من البلاء النازل مثلها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يدعو الله بدعوة - والدعاء رجاء وانتظار الخير من الله - إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يستجيب الله دعوته، وإما أن يدخر له من الأجر والثواب مثلها، وإما أن يدفع عنه من البلاء والمصائب النازلة مثلها) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

إذا المسلم الذي يدعو ربه هو رابح في كل الأحوال، وعليه: فنحن ندعوك إلى أن تحسن الظن ربك، تفعل الأسباب، ثم تتوكل على الكريم الوهاب، ثم ترضى بما يقدره القدير سبحانه وتعالى، وتوقن أن الخير في هذا الذي قدره الله تبارك وتعالى، فالأمور ليست بظاهرها، وكم من إنسان حزن لما فاتته الطائرة وبعد قليل يسمع أنها احترقت بما فيها.

فلذلك الإنسان عليه أن يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب، وهذا هو حسن الظن، أن ما يقدره الله هو الخير، وأن الخير بيد الله تبارك وتعالى، ولا شك أن اليقين الذي أشار إليه ابن القيم له أثر كبير (لو أن أحدكم هم بإزالة الجبل وواثق بالله لأزاله)، لذلك بعض السلف كان يذهب يريد أن يسأل حاجة من إنسان، ثم في منتصف الطريق يقول: (كيف أسأل غير الله؟) فدخل أقرب مسجد فصلى لله فجاءه المطلوب بعد رجوعه إلى البيت.

فمسألة الثقة بالله وحسن الظن بالله وكمال التوكل على الله والاستعانة بالله معاني كبيرة، لو عشناها، لو آمنا بها، لو طبقناها كما فعلها الرسول وسلف الأمة الكرام لنلنا خيرا خيرا، والإنسان لا يدري من أين يأتيه الخير، ولا يدري في أي الاتجاهات يكون الخير، لكن ما يقدره الله هو الخير، وهو أفضل مما نختاره لأنفسنا.

نسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن قدر له الخير وأرضاه الله بما قدر له، كما في حديث الاستخارة (واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به).

وفقك الله لكل خير، ونتمنى أن يكون قد اتضح المطلوب، وشكرا لك على التواصل.

مواد ذات صلة

الاستشارات