كيف أتخلص من الكره والحسد والغل؟

0 18

السؤال

السلامه عليكم.

لدي مشكلة وأريد التخلص منها لكن لا أعرف الحل، وأتمنى منكم مساعدتي.

مشكلتي أنني في الغالب أكره وأحقد، وصدري يضيق من 50% تقريبا ممن أعرفهم، وتربطني بهم علاقة عمل، صداقة، دراسة، ولا أتمنى لهم النجاح، ويظهر على وجهي بأني أكره لهم الخير والنجاح، علما بأني غير راض عن هذا الشر، وأريد أن الكل يعيش في أمن وسلام ونجاح وخير، لكن في داخلي غير ذلك تماما.

ومشكلة أخرى وهي: أنني موظف في مصنع منذ سنة وستة شهور، ولدي صديق في عمري، بدأنا العمل مع بعض، كل يوم نتقابل في العمل لمدة ٨ ساعات يوميا، عمل جماعي، نجلس بجانب بعض أو وجها أمام وجه، وأنا أحبه جدا، ولكن منذ حوالي ٢٠ يوما كنا نضحك ونتسامر، ومعنا زميل آخر، فعملت إشارة بيدي مقبولة بضحك ومن غير قصد إساءة، ولكن صديقي فهم إشارة يدي خطأ، فرد علي بكلام جارح جعلني أغضب منه، لأني كنت غير متوقع أنه سيجرحني بكلامه، وحاليا لا أكلمه منذ ٢٠ يوما، وعندما أراه يضحك مع غيري يضيق صدري، وأغضب، ويظهر على تعابير وجهي ما أشعر به، ولا أتمنى أن يضحك معه أحد، وأن الكل يبتعد عنه.

أريد مساعدتي لأتخلص من هاتين المشكلتين.

بارك الله فيكم، وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هشام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك ولدنا الحبيب في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن يزكينا وإياك، وأن يهدينا لأحسن الأعمال والأخلاق.

أولا: نحن نشكر لك – أيها الحبيب – انزعاجك من هذه المشاعر التي تجدها في قلبك تجاه الآخرين، وعدم رضاك بها، وهذا إن شاء الله دليل على أنك لا تريد بالناس إلا الخير، وأن هذا الذي تجده من المشاعر المقابلة إنما هي أحاديث نفس، ليست أمورا مستقرة في نفسك، فكراهتك لها وعدم رضاك عنها دليل على ذلك إن شاء الله.

والله تعالى لا يؤاخذ الإنسان على ما يجول في صدره مما لم تعزم عليه النفس ولم يعزم عليه القلب، فمجرد حديث النفس والخواطر العابرة لا يؤاخذ الله تعالى بها، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها).

فنرجو ألا يشتد انزعاجك من هذه الحالة، ويحاول الشيطان أن يتسرب إلى قلبك فيدخل إليه الهموم والغموم، فإنه يتمنى ذلك ويحرص عليه غاية الحرص.

ولكن مع هذا – أيها الحبيب – أنت مطالب بتزكية نفسك وتطهيرها من المساوئ وتحليتها بالأخلاق الفاضلة والأعمال الحسنة، فجاهد نفسك في تحقيق ذلك قدر استطاعتك، ومما يعنيك على هذا أن تلجأ إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء، فقد وصف الله تعالى هذه الأمة بأن المتأخر منهم يقول: {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم}.

فأكثر من دعاء الله تعالى، والجأ إليه في أن يرزقك السريرة الصالحة والقلب النقي، وأن يطهرك من الحقد والحسد لعباده المؤمنين، والله تعالى قادر على كل شيء، وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء. ومن الأسباب المعينة – أيها الحبيب – أن تجاهد نفسك بفعل الخير تجاه الآخرين، فاجبر نفسك على أن تفعل الخير للآخرين، وأن تعينهم على ما يحتاجون إليه، ففي هذا مجاهدة وإرغام للنفس وانتقال من حال إلى حال، فإذا فعلت ذلك فإنك ستتعود الخير والمحبة للناس، وستفعله بإذن الله تعالى.

وهناك جوانب معنوية – أيها الحبيب – ينبغي أن تستحضرها، وهي: أن تعلم بأن تمني زوال النعمة عن الناس لا يضرهم شيئا، وإنما يضر هذا المتمني، فإن الله تعالى قد قدر المقادير وكتب الآجال والأعمار والأرزاق، فتمنيك زوال خير أو نعمة عن الغير لن يزيلها، وإنما توقع نفسك في الإثم.

فإذا تذكرت هذه الحقيقة وأمعنت النظر فيها ودامت على بالك فإنك ستعلم حينها بأنه لا فائدة لك ترجى من وراء هذا التمني. فإذا داويت نفسك بهذا العلم وهذا العمل فإنك ستنجو بإذن الله تعالى من شرور هذا الحسد ومن أدوائه.

أما ما ذكرت من هجرك لزميلك فإنه لا يجوز لك أن تهجر زميلك أكثر من ثلاثة أيام، (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، (وخيرهم الذي يبدأ بالسلام)، فنصيحتنا لك أن تكون أنت الأفضل، وأنت الخير، فتبادر إلى إنهاء هذه القطيعة بأن تبدأ صديقك بالسلام، وتعلم أن الناس دائما عرضة للخطأ، وإذا كنت ستعاتب صديقك وصاحبك على كل خطأ يفعله فإنك لن تجد صديقا ولا صاحبا يدوم لك.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات