السؤال
السلام عليكم..
أنا تاجر، أحرص على أن تكون معاملتي موافقة للكتاب والسنة، أتعامل مع زبنائي بالقرض؛ حيث يأخذون السلعة والأداء بعد فترة معينة، وذلك للتيسير على المسلم، لكن المشكلة أن البعض لا يؤدي ما عليه، فهل أستمر في نهجي هذا والله يخلف لي ذلك، أم أكون صارما في معاملتي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نورالدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك أخي الكريم في استشارات إسلام ويب.
أولا: نهنؤك – أيها الحبيب – بما من الله تعالى به عليك من رحمة المسلمين والتيسير عليهم، وهذا من دلائل الخير، وأن الله سبحانه وتعالى أراد بك خيرا، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (الراحمون يرحمهم الرحمن) رواه الترمذي. ويقول: (إنما يرحم الله من عباده الرحماء) رواه البخاري.
وقد وردت أحاديث كثيرة – أيها الحبيب – في فضل معاملة الناس بالتيسير عليهم، وخاصة المعسرين، وتأخير الدين عن المعسر، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة، فلينفس عن معسر، أو يضع عنه) رواه الإمام مسلم.
ويقول عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: (كان رجل يداين الناس، فكان يقول لفتاه) يعني: للعامل معه: (إذا أتيت معسرا فتجاوز عنه، لعل الله يتجاوز عنا، فلقي الله فتجاوز عنه) رواه مسلم.
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وفيها أنه: (من أنظر معسرا كان له بكل يوم صدقة) رواه الترمذي. وأنه في ظل صدقته يوم القيامة، فقال: (من أنظر معسرا أو وضع عنه، أظله الله في ظله) رواه مسلم.
كما وردت أحاديث كثيرة في فضل القرض، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (كل قرض صدقة)، وقال صلى الله عليه وسلم: (دخل رجل الجنة، فرأى على بابها مكتوبا الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بيمينه عشر) رواه الطبراني وحسنه الألباني. ويقول: (ما من مسلم يقرض مسلما قرضا مرتين إلا كان كصدقتها مرة) يعني القرض المرة الواحدة كالصدقة بهذا المبلغ نصف مرة. رواه ابن ماجه.
وأحاديث فضل التيسير على المعسر من المسلمين كثير جدا، ولهذا نحن ننصحك – أيها الحبيب – بالاستمرار بهذا النهج إذا كنت لا تتضرر به، فإنك ستنتفع به يوما لا محالة، وستجد آثار هذه الأعمال الجليلة التي تعملها يوما ما، ولكن بإمكانك أن تتجنب من تراه متواهنا متلاعبا بحقوق الناس، لا يريد أداءها، فهذا يأثم هو بنفسه إذا فعل ذلك، ولا ينبغي لك أن تعينه أنت على هذا التلاعب والتهاون في حقوق الآخرين، أما من عداه فإن كنت تقدر على الاستمرار على ما أنت عليه دون أن تتضرر في معيشتك ومعيشة أبنائك وبناتك وزوجتك ومن يلزمك أن تنفق عليهم، إذا كنت لا تجد في ذلك ضررا في النفقة على من يلزمك أن تنفق عليهم فنصيحتنا لك أن تستمر على هذا النهج، وسيخلف الله تعالى عليك ما تتصدق به، فإن الله سبحانه وتعالى وعد بذلك في كتابه الكريم في آيات كثيرة، ولا يخلف الله الميعاد.
نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يوفقك لكل خير.