السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
جزاكم الله خيرا على تحملكم إيانا وإعانتكم لنا في حل مشاكلنا، جعل الله ذلك في ميزان حسناتكم.
تقدم لي شاب متدين جدا، وفيه كل الصفات التي أطلبها، ولكنه يعاني من مرض الاكتئاب، وقد تحيرت في أمر مرضه، فشكله لا يوحي بهذا إطلاقا، فهو بدين بعض الشيء، وأنا أعلم أن المكتئب يصاب بالنحول، وأيضا هو كثير الخروج من منزله بحكم عمله، وهذا ما أراه لكون مسكنه قريبا من مسكني، أي أنه ليس منطويا في بيته، وكذلك تحيرت كيف يصاب بهذا المرض وهو متدين؟ فالمؤمن لا يكتئب ولا يغلب عليه صفة الحزن ؟
أرجو أن تفيدوني عن هذه الأمور.
وسؤالي الأهم هو إن تزوجته هل سأنجب أولاد يحملون نفس مرضه ؟ علما أنه لم يولد ومعه هذا المرض، وإنما أصيب به لفشله في نيل بعثة من الجامعة بتآمر من أستاذه، وهل يمكنني أن أساعده لكي يشفى بدون أدوية أم أن مرضه هو مرض عضوي قبل أن يكون نفسي؟ وهل عليه أن يتعاطى هذه الأدوية طوال عمره ؟ وهل ستكون حياتنا الزوجية مكتملة؟
علما كما أخبرتكم أنه لا يبدو عليه أي علامة من علامات هذا المرض، ولولا أنه أخبرني عن مرضه لم أكن لأصدق بأنه مريض بالاكتئاب.
أرجو أن تفيدوني ولو أثقلت عليكم بالأسئلة؛ لأنني في حيرة من أمري، وبصراحة أنا مستعدة لأضحي وأقبل به؛ كونه متدينا ولكن بحدود وليس على حساب أولادي منه. وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مجد حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جزاك الله خير على سؤالك.
الاكتئاب النفسي من الأمراض المنشرة جدا وهو أنواع ودرجات عدة ويتفاوت في شدته من شخص لأخر، وليس كل أنواع الاكتئاب سيئة أو لا يرجى الشفاء منها، بما أن الاكتئاب مرض فهو يصيب البر والفاجر، صحيح أن الإنسان المتدين والملتزم يكون أكثر صبرا في مواجهة المرضى وهذا في حد ذاته يساعد على الشفاء وتكيف الإنسان مع حياته الاجتماعية والأسرية.
الاكتئاب كمرض لا خوف منه إلا إذا أدى إلى متغيرات حقيقة في شخصية الإنسان أو أثر سلبا على حياته الاجتماعية والعميلة والأسرية ومما قمت بذكره يتضح أن هذا الأخ بفضل الله لم تحدث له الآثار السلبية التي ربما يسببها الاكتئاب، وعليه يتمتع هذا الشخص بدفاعات نفسية قوية تجعله يتغلب على مرضه.
لا أرى مانعا في الزواج من هذا الأخ حيث أنه يعيش حياة طبيعية، أما فيما يخص الاستمرار في العلاج من عدمه فالعلاج يقسم غالبا إلى ثلاثة مراحل: المرحلة الأولية والتي يكون فيها العلاج مكثفا، ثم تأتي مرحلة الاستمرار الوسطية، وهاتين المرحلتين لا تزيد عن ثلاثة أشهر ثم تأتي مرحلة الوقاية والتي تتراوح بين ستة أشهر إلى سنة فلابد لهذا الأخ أن يأخذ العلاج للفترة الوقائية المطلوبة وفي هذه الأثناء تكون الجرعة العلاجية غالبا هي ثلث الجرعة الأولى.
الأدوية الحديثة سليمة وفعالة جدا ولا تسبب إدمانا أو تعودا، أضف إلى ذلك أن المنشأ البايلوجي (العضوي) للاكتئاب أصبح أمرا ثابتا حسب الأبحاث العلمية الحديثة حيث أتضح أنه يحدث خلل بسيط في كيمياء الدماغ يتعلق بمادة تعرف باسم سيروتونين ولكن هذا لا يعني أن الأدوية هي كل شيء في العلاج النفسي فهنالك المساندة والتدعيم والاستبصار والتخلص من الأفكار السلبية وتغيير خارطة التفكير حتى تصبح أكثر إيجابية ومحاولة بناء الذات وأرى أنه يمكنك أن تلعبي دورا مساعدا في ذلك.
أما في ما يخص الآثار الوراثية بالنسبة للاكتئاب النفسي فاحتمال انعكاس أو التأثير على الذرية ضعيف جدا خاصة في حالة الاكتئاب النفسي البسيط، والمرض الذي تلعب فيه الجينات الوراثية أثر أكبر يعرف بالاكتئاب الذهاني ثنائي القطبية، وهذا الأخ لا يعاني من هذه الحالة بحمد الله، فعليه أرجو الاطمئنان في هذا السياق .
وبالله التوفيق.