هل يمكن لنوبات الهلع أن تسبب مرضاً عضوياً؟

0 30

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية أريد أن أشكركم على هذا الموقع الجيد والمفيد للجميع.

أنا طرحت السؤال من قبل سنة تقريبا أو أكثر، ومشكلتي هي: نوبات الهلع، والأعراض الجسدية التي تأتيني، وقلت لي: أنها أعراض نفسوجسدية، وطلبت مني أن آخذ الدواء، ولكن -الحمد لله- استطعت التغلب على نوبات الهلع بجلسات تدريبية نفسية، وعلاج سلوكي للعقل عن طريق جلسة صوتية على الهاتف المحمول أسمعها كل يوم مرتين، استمريت على هذه الجلسات لمدة شهرين، وجعلتني أواجه نوبة الهلع، وأكون هادئا، ولا أخاف، فبدأت النوبات تخف، وإن أتتني تأتيني لثوان قليلة جدا، هذا -والحمد لله- مداوم على الأذكار وعلى طاعة الله.

أصبحت أملأ فراغي بتعلم بعض الأشياء، ولكن بقى لدي مشكلة واحدة وهي: أني أحس أن قلبي دقاته ليست منتظمة، وأحس أنه يتوقف لثانية وينبض نبضة قوية أو نبضتين متتاليتين، وإذا قمت بأي جهد حتى لو صغيرا أحس بقلبي نبضاته سريعة أو غير منتظمة، وبعض الأحيان يأتيني ألم في منطقة القلب، يعني ألم في قلبي والصدر.

علما بأني ذهبت لأكثر من طبيب قلب من قبل، وقال لي: أنني سليم، ورأيت في موقعكم عن حالتي هذه وجوابكم كان أنها مجرد انقباضات، بالإضافة لحرقان المعدة، ومنطقة البطن أحس أن بها حرارة.

هناك شيء آخر: وهو أنني كلما قرأت عن الموت أو كلمة الموت أحس ببعض القلق، ولا أريد قراءته، وأتجاهله.

هل نوبات الهلع أدت لمرض عضوي؟ وهل توجد دراسة تقول إن نوبات الهلع تسبب أمراضا عضوية، أم أنها أعراض نفسوجسدية، أم وسواس؟ وما هي الطريقة التي تساعدني في التخلص منها؟ وهل يوجد تدريب سلوكي لهذا الشيء أم أنني أحتاج للدواء؟

أرجو إعطائي حلا نهائيا لهذه المشكلة حتى أعود شخصا طبيعيا وأتخلص من هذا الوسواس، وشكرا لكم جميعا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عباس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أنت وصفت حالتك بصورة واضحة جدا وجلية، وقطعا الذي بك هو نوبات هرع، لكنك تغلبت عليها بدرجة جيدة جدا وممتازة جدا، ونوبات الهرع أو الفزع - وبما أنها نوع من القلق النفسي الحاد - دائما تكون مصحوبة بمخاوف، وكذلك وساوس.

أنا أنصحك - أيها الفاضل الكريم - أن تستمر على نفس الجلسات التدريبية النفسية التي تحدثت عنها، لأنها حقيقة تفيد، حيث إنها تعتمد على ما يعرف بالاستغراق الذهني وصرف الانتباه، وهذه أسس علاجية مهمة جدا، فأرجو أن تواصل على نفس هذه التمارين.

في ذات الوقت أنصحك أن تطبق تمارين الاسترخاء بصورة مكثفة ومنتظمة، تمارين التنفس التدرجي، تمارين قبض العضلات وشدها ثم استرخائها، كلها تمارين مفيدة ومفيدة جدا، وتوجد برامج كثيرة على اليوتيوب يمكنك أن تستفيد منها لمعرفة كيفية تطبيق هذه التمارين بصورة جيدة.

الرياضة العادية أيضا مهمة، والرياضة علاج للأعراض النفسوجسدية، ولا شك في هذا الأمر.

أيضا حسن إدارة الوقت والقيام بالواجبات الاجتماعية وجد أنه مفيد جدا؛ لأنه ينقل تفكير الإنسان إلى درجات عليا من التفكير الإيجابي، وحين يكون الإنسان في حالة فكرية جادة ومفيدة لا شك أن بقية الأفكار سوف تنصرف، أو تستقر في درجات الدنيا من درج الأفكار، مما يجعل الإنسان لا يهتم به.

أخي: هذه هي الأشياء التوجيهية التي أنصحك بها. أما بالنسبة لما تشعر به من الضربات الانقباضية - أو ما يسمى بخوارج الانقباض - هذه ظاهرة معروفة جدا، وهي ليست دليلا على وجود مرض بالقلب أبدا، تحصل في حالات القلق وفي حالات التوتر، والذين يعانون من نوبات الفزع والهرع، وما أكثر من يشتكي منها؟!

أرجو أن تطمئن، ويعرف تماما أن تمارين الاسترخاء وممارسة الرياضة تفيد في علاجها، كما أنه يجب ألا تكثر من شرب الشاي والقهوة. هذا أيضا فيه فائدة لك.

أقول لك - أخي الكريم - أن العلاج الدوائي مهم، والعلاج الدوائي حقيقة يساعد كثيرا في هذه الحالة. العلماء اتفقوا أن هذه الحالات من ناحية الأسباب - أي الأسباب التي تسببها - أنها ناتجة من عوامل مختلفة، عوامل بيولوجية، وعوامل نفسية، وعوامل سلوكية، وعوامل اجتماعية، وعوامل متعلقة بالبناء النفسي لشخصية الإنسان، والضغوطات الحياتية. هذه كلها حين تلتقي في محور واحد تؤدي إلى مثل هذه الحالات، لذا وما دام هناك عامل بيولوجي فلابد أن يعالج بيولوجيا - يعني العلاج بالأدوية - وأنا أعتقد أن الأدوية مفيدة بنسبة ثلاثين إلى أربعين بالمائة (30 : 40%).

فيما مضى نصحتك - أخي الكريم - بعقار (اسيتالوبرام) والذي يعرف تجاريا باسم (سيبرالكس)، وهاأنا أنصحك به الآن أيضا، لأنه يفيد وسليم. الجرعة تبدأ بخمسة مليجرام يوميا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك تجعلها عشرة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم تجعلها عشرين مليجراما يوميا لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام يوميا لمدة شهرين آخرين، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذا التدرج في الجرعة مهم جدا، والدواء سليم وفاعل وغير إدماني.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات