السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد كنت أعيش في بلاد الإسلام في سلام وهدوء، صحيح أنه كانت تحدث لي بعض المشاكل، ولكن الحمد لله كانت متقطعة، وكنت أجد من الإخوة المساعدة.
سافرت إلى الغرب لإتمام تعليمي، ومنذ أن وصلت هناك أصبحت حياتي مليئة بالمشاكل التي لا حصر لها.
المشاكل جنونية، لا أستطيع تفسيرها بأي طريقة، ومشاكل يومية في الليل والنهار لا تنقطع لحظة.
الحمد لله أنا مؤمن بالله إيمانا شديدا، وأعلم تماما أنه هو الحق عن عمق أعجز عن كتابته هنا.
ولكن أجد أنه يجب أن أخدم المسلمين في بلادنا، وأن أعطي من علمي للمسلمين، فأنا منكم والله، وأحبكم جدا، وأجد أن الغرب لا يراعي الأمانة ولا الصدق والأدب ولا الأخلاق، فكيف لي أن أخدمهم أو أنفعهم؟ وهل مشاكلي الكبيرة منذ أن جئت إلى الغرب إشارة من الله أن أرجع؟
مع العلم أن أهلي وأصحابي في بلدي يرفضون الفكرة تماما، أشيروا علي أثابكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك أيها -الأخ الكريم الفاضل-، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على اتخاذ القرار الصحيح، ونسأل الله أن ينفع بك بلاده والعباد.
وأرجو أن تعلم أن الإنسان ما ينبغي أن يحجب نفعه عن أي خلق، عن الناس، فخير الناس أنفعهم للناس، ومهما كان الذين يخدمهم الإنسان فإن الإنسان ينبغي أن يجعل نيته لله تبارك وتعالى.
ونحن نتفق معك على أن الأمة بحاجة لمن يخدمها من أمثالك من الفضلاء، وأنت مشكور على نيتك، لكن لا شك أن الأمر يحتاج إلى موازنة، فهناك مصالح دفعتك للسفر إلى ذلك البلد، وأرجو أن تبحث عن مراكز إسلامية وعن أخيار لتكون إلى جوارهم، ثم تقدم الخير وتقدم الدعوة للمسلمين ولغير المسلمين، تقدم النصح للمسلمين في دينهم، وتقدم الدعوة إلى الله لغير المسلمين.
واعلم أن رسالتنا كبيرة في نشر هذا الهدى والنور الذي عندنا، ونحن الذين ينبغي أن نحتمل من أهل الجهل والضلال؛ لأننا حملة الهداية، لأننا من نقوم بمهام الرسل بعد خاتمهم عليه صلاة الله وسلامه، الذي بعثه الله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد.
نحن نقدر وجود الصعوبات بالنسبة لك في ديار لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، في ديار فيها الشرور تمشي على رجلين، ولكن ينبغي للإنسان الذي وصل إلى هناك ويستطيع أن يقدم ألا يحجب عطائه عن أولئك الناس، بل يجعل هذا العطاء سبيلا إلى تأليف قلوبهم، واقصد في كل عمل تقدمه وجه الله تبارك وتعالى، وانحاز إلى من سبقوك من أهل الإيمان والخير، فتلك البلاد على ما فيها من ظلمات بعضها فوق بعض إلا وفيها مراكز إسلامية وفيها هداة ودعاة إلى الله تبارك وتعالى، ولا شك أنك صاحب القرار الذي يقرر متى تعود، ونحن لا نريد أن تطيل المكث بين أظهرهم، ولكن في نفس الوقت لابد أن تحقق الأهداف التي سافرت لأجلها.
ونتمنى أن تجد من الناصحين ممن سبقوك إلى تلك الديار من يعينك على تجاوز الصعوبات التي تواجهك، ولا شك أن رفضك للشر وبيئته دليل على الخير الذي عندك، ولكن يجب أن تعلم أن المسلم الذي يخالط ويصبر خير من الذي لا يخالط ولا يصبر، فكيف إذا كان يخالط ويصبر وينشر دين الله وينشر هذه الهداية التي شرفنا الله تبارك وتعالى بحملها.
وحق لنا أن نحمد الله تبارك وتعالى على ما نعيشه من أمن وأمان وطمأنينة، وأرجو أن يكون ما حصل لك أيضا دافعا لك لمزيد من الشكر لله تبارك وتعالى، وتذكير إخوانك ممن يقيموا في الديار الإسلامية والبلاد العربية، تذكيرهم بالنعم التي هم فيها؛ حتى يشكروا هذه النعم، فإن الإنسان حين ينغمر بالنعم أحيانا ينسى هذه النعم، والنعم لا تعرف إلا عند فقدها، وما حصل لك خير نموذج، أنك عرفت ما نحن فيه من أمن وطمأنينة، بعد أن أتيحت لك هذه الفرصة وخرجت إلى تلك الديار.
أرجو أن نشكر الله تبارك وتعالى على نعمه، ونسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، ونكرر لك الشكر، ونسعد بتواصلك حتى نعرف ما وصلت إليه، وطبعا نحن لا نؤيد العودة دون خطة ومشاورة من أصحابك واستخارة، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد.