قاربت على الثلاثين من عمري ولم أتزوج، أفيدوني.

0 36

السؤال

السلام عليكم

كنت مسرفا على نفسي بالمعاصي، ولكن دون الكبائر -الحمد لله-، وقد من الله علي بعذوبة الصوت، فكانوا يلقبونني بالعندليب، وكنت أحب الغناء، ولكن الله لم ييسر لي أمر معصيته في هذا الأمر، وحجبه عني حتى أنني كرهت الغناء، وكنت أحلم أحلاما مفزعة، وأحلم بالمطربين يقطعون ويقذفون في مكان بعيد.

فمنذ أواخر عام 2012 هداني الله للمواظبة على الصلاة، وحفظت القرآن مجودا حفظا متقنا كما أحفظ الفاتحة، وأصبحت أرتله ترتيلا، وأقوم الآن بإمامة الناس، حتى في رمضان ثلاثين ليلة بالتهجد دون النظر في المصحف ذلك فضل الله علي.

أقسم برب العرش أن المرأة كانت تأتيني في منامي تراودني عن نفسي، فأعرض عنها مخافة الله وعذابه، وأصرف عنها نظري، حتى إذا أفقت من نومي أبكي على حالي كيف كنت، وما عليه أصبحت، وأحمد الله أنها لم تكن حقيقة.

رأيت في منامي أن إنسانا أتاني وقال لي: أن الله أرسلني بمحبة منه إليك، فبكيت فرحا وحزنا في آن واحد، فرحا بما بشرت، وحزنا على ما فعلت سابقا، وظللت هكذا حتى طال بي الأمد عازبا، وقاربت على الثلاثين من عمري لظروف معيشتي، وقلة مالي، لا أستطيع الزواج، بل وأصبحت مديونا بعد زواج أختي الكبرى.

أخشى على نفسي سوء المنقلب في الدنيا والآخرة، فلقد راودتني أفكار بالموت، وأن أكتب لكم خير لي من أن أفعلها، فالشهوة تكاد تأكل عظامي، ولا أكاد أملك دموعي وأنا أكتب لكم.

أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك ولدنا الحبيب في استشارات إسلام ويب.

أولا: نهنؤك -أيها الولد الحبيب- بما من الله تعالى به عليك من الاستقامة والتوفيق لحفظ كتابه -سبحانه وتعالى-، وقد أحسنت -أيها الحبيب- حين شعرت بعظيم -فضل الله تعالى- عليك وكبير نعمه، ووفقت ثانيا بشكر هذه النعمة بمجاهدة نفسك بالابتعاد عن المعاصي والمحرمات، وهذا كله مما يدفع نحو الأمل بأن الله -سبحانه وتعالى- سيتولى أمرك وييسره لك، فإنه -سبحانه- لا يضيع أجر من أحسن عملا.

والمؤمن قد يبتلى بشيء من الضيق والمضايق والمتاعب؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- خلق الإنسان في هذه الحياة للاختبار والامتحان، ثم يوفيه الله تعالى أجره بأحسن ما كان يعمل، وبأوفر وأعظم ما كان يرجو ويتمنى.

فوصيتنا لك -أيها الحبيب- أن تأخذ بالأسباب التي تعينك على الثبات على هذه الحال التي أنت فيها، من اجتناب ما حرم الله تعالى عليك في يقظتك، والاستمرار على طاعته -سبحانه وتعالى-، ومن هذه الأسباب: الصحبة الصالحة الذين يذكرونك بالله إذا نسيت، ويشدون أزرك وقت الضعف، ومن هذه الأسباب: أن تملأ وقتك بما ينفع من أمور الدين أو الدنيا، وألا تدع للفراغ مجالا في حياتك، ومن الأسباب: أن تسعى في طلب رزقك الحلال بما أمكنك من الوسائل، معتمدا على الله تعالى، مفوضا أمرك إليه، معتقدا في قلبك أنه سبحانه وتعالى سيختار لك ما فيه الخير.

ومن الأسباب -أيها الحبيب-: الإكثار من الدعاء، والإقبال على الله -سبحانه وتعالى-، ودعائه دعاء المضطر، أن ييسر لك الأمر، ويختار لك الخير، وأن يثبتك على طاعته، فقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يكثر من الدعاء: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك).

وأهم ما ينبغي أن تفعله -أيها الحبيب- أن تحسن ظنك بالله سبحانه وتعالى، فإنه -سبحانه وتعالى- كريم رحيم، ودود، لا يمكن أن يخذلك وأنت تتقرب إليه وتطمع في بره ورحمته وإحسانه، فإن الكريم لا يفعل ذلك. ولا يمكن أن يخذلك ويتركك وأنت بحاجة إليه وافتقار إليه، وهو سبحانه وتعالى الغني الجواد، يده سحاء الليل والنهار، لا تغيضها نفقة، وعنده خزائن السموات والأرض، فمهما سألته من مسألة فإنها لا تنقص من ملكه شيئا، لا يمكن أن يحرمك ما فيه خير لك، مع جوده وكرمه وقدرته.

فحسن ظنك بالله تعالى، واعلم يقينا أنه لا يقدر لك شيئا إلا لما فيه صلاحك، وإن كنت تكره الضيق والمتاعب، فقد قال الله: {فعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}، فالله تعالى يختبر صبرك ليوفيك أجرك كاملا، ولكنه سيجعل لك بعد العسر يسرا، {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.

وما تراه من الرؤى في منامك أو وقوعك على المرأة في المنام فغير خاف عليك أن الله تعالى لا يؤاخذك به، ومن ثم لا يصح أن يكون مقياسا لطاعتك أو لمعصيتك.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات