السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا بنت عانيت لفترة طويلة من وساوس شديدة، كانت تأتيني في كل مجالات عديدة، من عقيدة، وطهارة، وصلاة، تحسن وضعي كثيرا عن السابق بفضل ربي، ولكن مازال عندي بعض الوساوس، مثلا عندما أنوي فعل شيء أستغرق وقتا طويلا في استحضار النية وأشعر بالتشتت كثيرا، وتأتيني أفكار كثيرة لا أدري مصدرها، مثلا إن نويت الصلاة تأتيني هكذا نية أني أصلي حتى أتمكن من إسعاد وإدخال الفرح على قلوب المسلمين حولي، فأعيد النية مجددا وربما أعيدها أكثر من مرة.
وأحيانا عندما أصلي تأتيني فكرة بأني مثلا أصلي فيجعل الله الناس تحبني؛ لأنه من أحبهم الله ألقى محبته في قلوب الناس، فهل هذا رياء؟
أرجو الإجابة على هذا السؤال؛ لأنه مهم جدا لي، وسؤالي الثاني هو: إذا كان شخص مثلي فهل تؤثر عليه الوساوس (إن كانت وساوس رياء مثلا) التي تأتيه قبل عمله وأثناء استحضار النية؟ أم لا أكترث لها ولا أعيد نيتي؟
سؤالي الآخر: أيضا تأتيني أفكار حول النبي -صلى الله عليه وسلم- بأني أتخيل مثلا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ينظر إلى عبادتي وأنا أصلي الليل مثلا أو أدعو الله خفية، فهل هذا يؤثر على إخلاصي؟ وهل محبة أن يمدحك النبي -صلى الله عليه وسل-م ويرى عملك تؤثر على إخلاصك أم لا؟ أم فقط تستشعر مراقبة الله لك ولا تستشعر مراقبة أحد غيره لك؟
أعتذر عن الإكثار عليكم، وأرجو الإجابة عن أسئلتي لو تكرمتم؛ لأني نادرا ما أجد باب الاستشارات مفتوحا، وكنت دائما أدخل عند رأس الساعة في أيام أخرى وأجده مغلقا، وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آمنة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى أن يذهب عنك هذه الوساوس، ويصرف عنك كل الشرور.
ونصيحتنا لك أولا - ابنتنا العزيزة - أن تكوني جادة صابرة في التغلب على هذه الوساوس، وليس لك طريق للتخلص منها إلا بالإعراض عنها بالكلية وعدم التفاعل معها، والبحث عن إجابات للأسئلة التي تمليها عليك، فإذا أعرضت عنها إعراضا تاما كليا فإنك ستشفين منها بإذن الله تعالى عن قريب، ولا علاج لها أمثل من هذا العلاج والدواء، وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاستعاذة بالله تعالى والإكثار من ذكره لمن أصيب بالوساوس، لأن الوسوسة مصدرها الشيطان، والشيطان يخنس من ذكر الله ويفر.
ومن الأذكار المطلوبة من الإنسان المصاب بشيء من الوساوس: الإكثار من الاستعاذة بالله تعالى كلما داهمته هذه الوساوس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فليستعذ بالله ولينته)، وفي مثل حالتك: كلما داهمتك وساوس الرياء الأمر سهل بسيط، استعيذي بالله تعالى فقولي ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وعلمه لأبي بكر أن يقوله في صباحه ومساءه: (اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم)، فإذا فعلت هذا انتهى الأمر بإذن الله.
وكل الأسئلة التي تسألين عنها ليس فيها شيء من الرياء، فطلب الإنسان ثواب الأعمال ليس رياء، يعني: أن يفعل الإنسان الشيء من الأعمال الصالحة وهو يرجو ثوابه من الله تعالى، سواء كان هذا الثواب أخرويا أو دنيويا؛ فهذا ليس رياء، لأنه يطلب ثوابه من الله، وليس من الرياء أيضا أن يتخيل الإنسان أن النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليه فيرضى بعمله، فإن أعمالنا تعرض على الرسول صلى الله عليه وسلم، كما ورد هذا في أحاديث كثيرة. فهذا الفرح بمسرة الرسول صلى الله عليه وسلم، أو تخيل أن الإنسان يرضى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس رياء.
فالخلاصة أن كل ما تعانينه هو مجرد وساوس وأوهام، وإذا استسلمت لها وبحثت عن إجابات لها فإنها لن تزيدك إلا إرهاقا وتعبا، ولذلك فالنصيحة النبوية هي: الإعراض تماما عن الوسوسة وموجباتها.
نسأل الله تعالى أن يصرف عنك كل الشرور.