تركت بلدي، وكرهت الحياة ونفسي كثيرا، فما نصيحتكم لي؟

0 31

السؤال

السلام عليكم.

أنا من الأردن وأسكن في أمريكا، قصتي طويلة بشكل ما، ولا أعرف من أين أبدأ، ولكن سأحاول أن أشرحها قدر المستطاع، أنا منذ أن كنت صغيرا لا أحب أن أذهب إلى المدرسة، وكنت أكرهها كثيرا؛ لأنني كنت أدخل الفصل ولا أستوعب شرح المدرس، وكنت دائما أحاول أن أركز بالشرح ولكني لا أقدر، ودائما أفكر ماذا علي أن أفعل عند ذهابي إلى المدرسة، فجسمي في الفصل وعقلي في الخارج، وكنت لا أشارك نهائيا في الفصل، وقليل الفهم، وكان الطلاب يتنمرون علي كثيرا؛ لأنني لا أشارك ولا أتكلم، ولا أعرف كيف أدافع عن نفسي، ولا أستطيع أن أرد الإهانة سواء بالكلام أو بأي شيء آخر.

وكنت دائما أنظر إلى الطلاب وهم يتحركون ويتحدثون ويلعبون مع بعضهم البعض، وأقول: لماذا أنا مختلف عنهم لا أتحرك ولا أتحدث ولا ألعب مثلهم، وليس لي ردات فعل مثلهم، ولا أي شيء، كأني مختلف عنهم.

كنت وحيدا دائما لا أحب أن أتحدث مع أحد، ولا أصاحب أي شخص حتى لا يتنمر على كلامي الذي هو دائما متقطع، لأنني لا أعرف أن أتحدث أو أجمع أفكاري، كنت أحب الوحدة كثيرا، استمريت على هذا الشيء حتى كبرت، وما استفدت من المدرسة بشيء، ولا حتى من المعاشرة مع الأشخاص، ولم يكن لدي الدافع لعمل أي شيء في الحياة، حتى في البيت مع العائلة، ما كنت أحب أن أجلس مع أي شخص، ودائما ألعب ألعاب الفيديو وأنسى كل الدنيا.

في يوم من الأيام ذهبت إلى أمريكا واشتغلت، وكنت أشتغل كثيرا، قلت من الممكن أن أتغير ولكن زادت الأمور سوءا، الناس هنا أسوأ بكثير، والتنمر أكثر، وكنت لا أعرف أن أرد الإهانة، ودائما يتنمرون علي من طريقة كلامي وتفكيري، كرهت الحياة ونفسي كثيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Saeed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم لتواصلكم معنا وثقتكم بموقعنا.

أخي الكريم حصل عندي اشتباه في الرقم الذي وضعته للعمر، هل هو ٩٣ أم ٣٩ أم رقم آخر، لأن لكل مرحلة سنية خياراتها ونمط تفكيرها، وعلى هذا الأساس يتم التعامل معها، لكن سنفرض أنك أخطأت بالرقم ووضعت ٩٣ بدلا من ٣٩.. وعلى هذا الأساس سنخاطبك كشاب، لا كشخص كبير في العمر.

أخي الكريم: نحن نقدر الوضع الذي أنت فيه، والمراحل التي مررت بها، وقصص التنمر التي تعرضت لها حتى بعد سفرك إلى أمريكا، لكن دعنا نوضح نقطتين في شخصيتك:
الأولى: أنك شخصية هادئة، وتحب التروي في الأمور، والوحدة والانطواء -رغم إنها ليست جيدة- ولكنها تصنع منك شخصا صاحب تأمل هادئ، فهذه نقطة إيجابية ينبغي أن تنظر إليها في نفسك.

الثانية: أن مسيرة التنمر والتعرض للامتهان من الآخرين منذ صغرك، لا يعني بالضرورة أنك ستنشأ شخصية غير سوية، أو شخصية منحرفة، أو حتى شخصية جبانة، فالجبن ليس هو مجرد الإحجام عن الفعل، فقد يكون الإحجام حكمة، كما أن الشجاعة لا تعني -دوما- الإقدام على الفعل، فقد يكون الإقدام تهورا.

لذلك لا تنظر لنفسك على أنك جبان، أنت -غالبا- تلجأ للمداراة وتجنب المشاكل، وهذا ليس جبنا، بل هي سياسة حكيمة، ولكن متى يصبح الشخص جبانا؟

إذا انتهك حقه وهو قادر على أن يستعيده بدون حصول مشاكل أكبر، فهنا يمكن أن يوصف بالجبن، أما إن كان يعتقد بأنه لو تصرف أو رد على فلان فسوف تنشأ مشاكل أكبر، فهنا الأفضل تجنب المواجهة فهذا نوع من السياسة، تستخدمه الدول القوية مع بعضها، ما بالك بالأفراد الذين لا يملكون جيوشا جرارة ولا اقتصادا ضخما يخولهم التصرف على نحو آخر.

أخي الكريم: سنوجه لك نصيحتين لعلك تستفيد منهما:
الأولى: أن تصلح ما بينك وما بين الله يصلح الله ما بينك وبين الناس، وشكواك الرئيسية هي من الناس! إذن عليك برب الناس، إلجأ إليه، ولذ به، وانطرح ببابه وادع بهذا الدعاء: (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت أرحم الراحمين، إلى من تكلني، إلى عدو يتجهمني، أو إلى قريب ملكته أمري، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك).

الثانية: إن تيسر لك أن تزور الأخصائي النفسي وتعرض عليه حالتك، ربما يعطيك بعض النصائح المفيدة، كما قد يلجأ لعمل تشخيصات مختلفة، أحد هذه التشخيصات قد يتعلق بالاكتئاب.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مواد ذات صلة

الاستشارات