السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب متزوج -الحمد لله-, أكرمني الله بالالتزام منذ 7 أعوام تقريبا هجرت التدخين، والنظر الحرام والعلاقات الهاتفية، واستمر بي الحال هكذا حتى العام الماضي، حيث حدث معي شيئان الأول أنني صاحبت صحبة سيئة نوعا ما فابتعدت عما أنا عليه من التزام كلي، وصرت أستصغر ما كنت أراه كبيرا رويدا رويدا حتى غدا عندي عادة، ومن ثم وجدت نفسي أدخن السجائر معهم من جديد، وأنظر في بعض الأحيان إلى النساء المتبرجات، بل وأكثر من ذلك أن البعض صار يهاتفني على الجوال، وصار بيننا علاقة هاتفية أيضا، واستمر بي الحال هكذا من تدهور إلى آخر، ومن سوء إلى أسوأ، فقد هجرت العلم الشرعي، والصحبة الصالحة، وكل ما يقربني من الله سبحانه تقريبا.
والأمر الثاني: هو أنني بعد زواجي بعام تقريبا وبعد الرضاعة الأولى فقدت زوجتي غالب صحتها بشكل عام، وعلى وجه الخصوص منطقة الصدر، وقد أثر ذلك على نفسيتي بشكل كبير، لكن بفضل الله تجاوزت المرحلة بأن أقنعت نفسي أن هذا نصيبي، ومرت أعوام ولا شيء يتحسن، حتى أتت علي أحداث العام الماضي من انتكاس وتراجع فاستجد عندي هذا الأمر، وصرت أشعر ـ رغما عني ـ أني غير راض عن وضع زوجتي، وما عدت أستطيع تقبلها على وضعها، وبدأت تشعر هي بذلك، وربما طلبت مني الطلاق إن كان هذا يريحني، في الحقيقة هذا الأمر انعكس علي سلبا جدا حيث أطلقت بصري بشكل واسع رغما عني لأعوض النقص الذي عندي، وأنا أعلم أنه حرام، وأنني لا أجني سوى الوزر لكن، طبعا أكرمني الله بالتوبة مرة أخرى عن الدخان، والصحبة السيئة إلا النظر؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أيها الأخ الكريم- في الموقع، ونسأل الذي تاب عليك أن يتوب علينا، وأن يثبتك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
إذا كان ربنا التواب قد أكرمك بالتوبة مرة أخرى من الدخان ومن الصحبة السيئة فاسأل الله تعالى أن يكمل عليك فضائله، وأن يكمل عليك نعمه فتتوب من النظر الحرام، لأن النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، إذا كان السهم المسموم يسمم الجسد فإن النظر للحرام يسمم قلب الإنسان، وهو أقصر الطرق لجلب السعادة إذا اتقى الإنسان ربه، وهو أقرب للتعاسة إذا لم يتق ربه.
وعليه أرجو أن تنتبه لهذه الخطيئة، وأعتقد أن فرصة وجود شهر الصيام - الذي نسأل الله أن يبلغنا إياه - فرصة كبيرة للتخلص من هذه الكبيرة من كبائر الذنوب التي تجر ورائها الشرور، وتعوذ بالله من شيطان لا يريد لك الخير، واقطع كل صلة بهؤلاء الأصدقاء، أصدقاء السوء، لأن وجود أرقامهم والتواصل معهم وزيارتهم قد يكون سببا لعودتك إلى المربع الأول - مربع الشر والغفلات - فاحمد الله تبارك وتعالى الذي عافاك، واعلم أن هذه الزوجة التي تنظر إليها إذا كان فيها سلبيات ففيها إيجابيات، والنبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا فيقول: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر)، فما من امرأة إلا وفيها نقائص وفيها أيضا إيجابيات، وما من رجل إلا وفيه نقائص وفيه أيضا إيجابيات، وأنت ونحن بشر والنقص يطاردنا، وطوبى لمن تنغمر سيئاته القليلة في بحور حسناته.
ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك أيضا على العودة إلى أسرتك، بعد أن من الله عليك فتبت من الرفقة السيئة وتركتها، وتبت من شرب الدخان، ونسأل الله أن يعينك أيضا على التوبة من إطلاق البصر، ونحب أن نؤكد لك أنك متى ما عدت إلى الله تبارك وتعالى تائبا فإن حياتك تتغير، وتعاون مع زوجتك على كل ما يرضي الله تبارك وتعالى، وحافظ على مشاعرها، واحفظ الود الذي كان بينكم، ولا تنس الفضل الذي بينكم، واتق الله تعالى، واستعن به سبحانه وتعالى، فإن الأمر بيده سبحانه وتعالى.
إذا كان مجالا لمقابلة أطباء بخصوص الزوجة ومعالجة هذا النقص الذي طرأ عليها، فأرجو أيضا ألا تقصر في هذا الجانب، ونحن على قناعة أن الطب تطور، ويمكن أن يكون لهم إرشادات وخطوات مهمة في هذا الميدان.
إذا عد لأسرتك، وقبل ذلك عد إلى ربك، اغتنم فرصة الصيام، راقب الله تبارك وتعالى، واعلم أن نظره إليك أسرع من نظرك إلى ما حرم، واستحضر قوله تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}، واعلم أن إطلاق البصر لا يجلب لك سوى التعاسة والآلام والشقاء والذنوب، والأمر بيدك أنت، وهذه أبواب التوبة أمامك، والحمد لله من الله عليك فرجعت من ذنوب كبيرة، فأكمل هذا الخير بالتوبة النصوح من إطلاق البصر ومن غيره من الذنوب والخطايا التي لا تعلمها، فكل بني آدم خطاء ولكن خير الخطائين التوابون.
نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.