السؤال
السلام عليكم.
أرسلت لكم أكثر من مرة ولم يتم الرد، أرجو الرد على هذه المشكلة التي أنا فيها.
عندي مشكلة والله إلى الآن لم أعرفها، كنت أقوم الليل -الحمد الله-، وأصوم، وأذكر الله كثيرا، ومتيقن من الله، ولا أدري ما الذي حدث، أصابتني مصيبة فأحس أنني ملحد -والعياذ بالله-، وأحس أن قلبي ينكر وجود الله -والعياذ بالله-، وهذه لم تكن من قبل، فأنا أخاف أنني كفرت.
أنا أثبت لله -عز وجل- أنني أحبه، أصلي وأتنفل وأذكر الله، وأصوم حتى أثبت لله، ومحافظ على سنن النبي -صلى الله عليه وسلم- والرواتب.
وعندما تأتيني وساوس عن المعصية لا أفعلها؛ لأني أخاف من الله، ولكن أحيانا أفرح فتذهب عني هذه الوساوس لدقائق وأحيانا لساعات وترجع مرة أخرى، وأحس أن هذه وساوس تصدر مني -والعياذ بالله-، نسأل الله السلامة.
وشكرا لكم جميعا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نورالدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله لك التوفيق والهداية والثبات.
أنت على خير، فلا تلتفت إلى هذه الوساوس، ونحب أن نذكرك بأن بعض الصحابة جاؤوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يشتكون له، فقال أحدهم: (الشيء يأتي في صدورنا)، يعني: ما يتعلق بالذات الإلهية أو أمور العقيدة (زوال السماوات أحب إلينا من أن نتكلم به)، وقال آخر: (يا رسول الله، إن أحدنا يجد في نفسه - يعرض بالشيء - لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به)، وقال آخر: (إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به)، وقال آخر: (إن أحدنا يجد في نفسه الشيء لا يسره أنه تكلم به، لأن يخر من السماء أحب إليه من أن يتكلم به).
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أوقد وجدتموه؟)، وأخبرهم بأن ذلك من صريح الإيمان، لا يضرهم في شيء، فقال: (ذاك صريح الإيمان)، وقال: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة)، وقال: (فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته)، وقال: (فمن وجد من ذلك شيئا فليقل: آمنت بالله)، فالتوجيهات النبوية في هذه الأحاديث هي:
1. الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
2. أن يقول الإنسان: (آمنت بالله).
3. أن ينتهي، بمعنى أنه يقطع تواتر وتسلسل هذه الخواطر السالبة.
4. ومن التوجيهات النبوية كثرة الدعاء بقول: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر من ذلك، فقيل له: يا رسول الله، آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا؟ قال: (نعم، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء).
هذا الذي في نفسك لا يضرك أبدا، فاثبت على ما أنت عليه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لما قال: (أوجدتموه ذاك صريح الإيمان) لأن هذا الرفض والإنكار منك وعدم القبول للذي يحدث دليل على صريح إيمانك، دليل على أنك على خير، فلا تلتفت لمثل هذه الوساوس، واعلم أن إهمالك لها جزء رئيس في علاجها وفي تلاشيها وزوالها، فعاند عدونا الشيطان، وأقبل على طاعتك لله تبارك وتعالى، واعلم أن الله لا يحاسبك على مثل هذه الأفكار التي تنقدح في نفسك، وجاهد - كما قلنا - في إهمالها وصدها ورفضها، واستمر على ما أنت عليه من الخير، واعلم أن فرحك بالطاعات وحزنك على المعصية دلائل خير، نسأل الله أن يوفقك.
ونوصيك بأن تحافظ على أذكار الصباح والمساء، وألا توقف مع هذه الأفكار السالبة طويلا، بل تمضي غير منتبه لها، وغير مهتم بها، كما قال النبي: (ولينته)، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وندعوك إلى مزيد من التواصل مع الموقع، وإلى طلب العلم الشرعي، فالفقيه أشد على الشيطان من ألف عابد.
فإذا كنت تفرح بذهاب الوساوس فهذا دليل - كما قلنا - على أنك على خير وإلى خير، وحتى لو جاءت الوساوس ينبغي أن تعلم أنك لا تساءل عليها ولا تحاسب عليها، وأن العلاج هو ما أشرنا لك من خلال توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم، ونسأل الله أن يرزقنا جميعا العلم النافع والعمل الصالح، وأن يملأ نفوسنا طمأنينة وأمنا وإيمانا، وبارك الله فيك.