السؤال
السلام عليكم.
أنا أعاني من مشكلة التدقيق في أدق التفاصيل، وعندما أعمل أبطئ بالعمل خوفا من الخطأ أو التقصير، وأترك العمل وأذهب إلى عمل آخر خوفا من أن يكون عملي حراما.
الآن أنا أعمل في مصنع يقوم بعمل أكياس لتغليف المانيكان وأدوات لها، فأصبر نفسي بهذا العمل أنه ليس حراما؛ لأنني لا أعلم إلى أين يصدر، هل يصدر لأشخاص يقومون بصناعة مانيكان مطموس الوجه، أو مانيكان بدون وجه؟ وأنا لا أريد أن أسأل لأنني أتتبع دائما كل شيء بالفتاوي حتي يصبح حراما عندي، ولكن ضميري الآن يؤنبني ويقلقني.
مرة طلب مني مدير العمل مسح طاولة المكتب وجدت عليها بعض رماد السيجار، فهل هذا حرام، أم أنني أبالغ؟ فالمدير مسلم، ولكنه يشرب السيجار، أنا لا أنظف علبة السيجار، ولكن أنظف الطاولة بين الحين والآخر.
أفيدوني، ما علاج حالتي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إسراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يكفيك بحلاله عن حرامه، ويتولى توفيقك وإعانتك.
الشعور بالتحرز والتخوف من الحرام أمر مطلوب من المسلم، لكن بالقدر الذي يدفعه لاتقاء الحرام البين الواضح، لا أن يكون سببا للوقوع في شبكة الشيطان وحبائله، ويكون فريسة سهلة للوساوس وللأوهام، والرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا أن الحرام بين والحلال بين، وهذا الحرام البين الواضح هو الذي يجب علينا أن نتجنبه، ويحاسبنا الله تعالى على فعله، وهذا قليل، وأمره في الغالب واضح وظاهر، والمسلم الذي يجهله عليه أن يسأل أهل العلم، أما ما عدا ذلك - وإن كان من المشتبه - فإنه لا يجب على الإنسان أن يتجنبه، ولا يحاسبه الله تعالى لو وقع فيه.
ومن المسائل المهمة والقواعد الكلية التي تنفع الإنسان المسلم أن يعلم بأن الأصل في الأشياء الحل والإباحة، حتى يأتي عن الله أو عن الرسول ما يفيد تحريم الشيء المعين، وهذا الأصل العام والقاعدة الكلية ستدفع عنك الكثير من الإشكالات، ومن ذلك صنع الأشياء التي يمكن أن تستعمل استعمالا مباحا ويمكن أن تستعمل استعمالا محرما.
فالأصل هو جواز هذه الصناعة ما دامت يمكن أن تستعمل هكذا وهكذا، فإذا استعملها من يشتريها بعد ذلك في شيء محرم فالإثم عليه، وليس على من صنعها، وإلا فكل المصنوعات اليوم يمكن أن تستعمل في المحرمات، فالسيارات يمكن أن تستعمل استعمالا محرما، والأدوية يمكن أن تستعمل استعمالا محرما، وهكذا دواليك، فهل يقول عاقل بأن كل هذه المصنوعات لا يجوز للإنسان المسلم أن يصنعها؟! هذا بلا شك لو حصل فإنه يكون أثر من آثار الوسوسة، وأن الإنسان وقع فريسة سهلة للشيطان.
ولهذا نحن ننصحك بالتفقه في دينك، وتعلم أحكام العمل الذي تمارسينه، بأن تسألي أهل العلم عن حدود الحلال أو حدود الحرام في الأعمال التي تمارسينها، فإذا عرفت الحلال والحرام لا تلتفتي بعد ذلك إلى هذه التخوفات التي قد يكون في غالبها مبعثها وساوس الشيطان ليدخلك في أنواع من المضايق ويثقل عليك الأعمال، فإنه يحرص كل الحرص على أن تعيشي كئيبة حزينة.
وما ذكرته من مثال تنظيف طاولة المكتب الذي تعملين به: أيضا الأصل أنه مباح وجائز، ولو كان في ذلك آثار من تدخين السيجارة، فليس عليك إثم في ذلك.
نرجو إن شاء الله أن تأخذي هذا الكلام مأخذ الجد، وأن تحاولي الكف وعدم الاسترسال مع هذه الأسئلة التي يدعوك الشيطان إليها.
نسأل الله تعالى أن يصرف عنك كل سوء ومكروه.