السؤال
السلام عليكم.
ما حكم قول الأم أو الأب لابنه إذا رأى شخصا حقيرا أو فقيرا يعمل في إحدى المهن التي يحتقرها الناس، يقول له ادرس وانجح ولا تكن مثله؟ يقولها باحتقار للشخص أو المهنة التي عمل بها، مثل: النظافة أو إصلاح السيارات أو الحلاقة أو غيرها، ونحو ذلك من هذه الأقوال والأفعال.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdulmajeed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك معنا، كما نشكر لك حرصك على السؤال ومعرفة موقف الشرع من تصرفات الإنسان وما ينبغي أن يكون عليه حاله وأخلاقه، ونسأل الله تعالى أن يزيدك توفيقا وصلاحا.
أما بخصوص ما سألت عنه - أيها الحبيب - من احتقار الشخص المسلم بسبب حقارة المهنة التي يزاولها: فهذا أمر محرم بلا شك، فقد نهى عنه الله سبحانه وتعالى في كتابه، ونهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- في صحيح سنته، وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم}، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول - كما في صحيح مسلم وغيره -: (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم) يعني: يكفي الإنسان من الشر أنه يقع في احتقار أخيه المسلم.
والاحتقار معناه: أن يعده شيئا حقيرا وقليلا، إما لعدم ماله، أو لوضاعة المهنة التي يزاولها، أو غير ذلك من الأسباب، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يحذر أبلغ التحذير من هذا الفعل.
والسبب واضح - أيها الحبيب - لأن الله تعالى لم يحقر هذا الإنسان، بل خلقه في أحسن تقويم، ورزقه، وسخر له ما في السماوات وما في الأرض جميعا، وأرسل إليه أفضل الرسل، وأنزل إليه أفضل الكتب، ثم هو سبحانه وتعالى يجازيه ويحاسبه على أعماله، كل هذا يدل على تكريم الله تعالى لهذا الإنسان، هذا المخلوق.
وأما ما يقسمه الله تعالى بين الناس من الأعمال والوظائف والأموال؛ فهذا يقدره الله تعالى لحكمة بالغة، فقد قال سبحانه وتعالى: {نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا} يعني: ليتسخر بعضهم في خدمة بعض، فلو كانوا جميعا في طبقة اجتماعية واحدة وكانوا جميعا أغنياء وأثرياء لما وجد الإنسان من يقوم بمصالحه وأعماله من بني الإنسان، فعامل النظافة هذا الذي يحتقره من يحتقره يقوم بدور عظيم، لا نقدره حق قدره ولا نشعر به إلا عند توقف هذا العامل عن أداء عمله.
فهذه نظرة معكوسة في الحقيقة، إذا نظرنا إلى الأشخاص أنفسهم، أما إذا كان الوالد أو القريب يحذر قريبه من دناءة الهمة والبساطة في الأهداف والأماني، ويحثه على الارتقاء بنفسه والسعي ليشغل الأعمال الجليلة والوظائف الكبيرة والأعمال المرموقة، وليكون محل تقدير المجتمع - ونحو ذلك - فهذا لا حرج فيه من غير احتقار لأحد من الناس.
نسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما فيه الخير والصلاح.